للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا فِي التَّرْكِ وَالْإِعْرَاضِ، أَيْ وَتُعْرِضُونَ عَنِ الْأَصْنَامِ، إِذْ لَعَلَّهُمْ يُلْهمُون أَن يَسْتَدِلُّونَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ عَلَى أَنَّ غَيْرَ اللَّهِ لَا يَكْشِفُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْعَذَابِ شَيْئًا، وَإِطْلَاقُ النِّسْيَانِ عَلَى التَّرْكِ شَائِعٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا [الجاثية: ٣٤] ، أَيْ نُهْمِلُكُمْ كَمَا أَنْكَرْتُمْ لِقَاءَ اللَّهِ هَذَا الْيَوْمَ. وَمِنْ قَبِيلِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ [الماعون: ٥] .

وَفِي قَوْلِهِ: فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ يُجِيبُ دَعْوَةَ الْكَافِرِ فِي الدُّنْيَا تَبَعًا لِإِجْرَاءِ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى الْكُفَّارِ. وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأَشْعَرِيِّ وَالْمَاتُرِيدِيِّ آئِلٌ إِلَى الِاخْتِلَاف اللَّفْظِيّ.

[٤٢- ٤٥]

[سُورَة الْأَنْعَام (٦) : الْآيَات ٤٢ إِلَى ٤٥]

وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢) فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (٤٣) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤) فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٥)

لَمَّا أَنْذَرَهُمْ بِتَوَقُّعِ الْعَذَابِ أَعْقَبَهُ بِالِاسْتِشْهَادِ عَلَى وُقُوعِ الْعَذَابِ بِأُمَمٍ مِنْ قَبْلُ، لِيَعْلَمَ هَؤُلَاءِ أَنَّ تِلْكَ سُنَّةُ اللَّهِ فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا بِالشِّرْكِ.

وَهَذَا الْخَبَرُ مُسْتَعْمَلٌ فِي إِنْذَارِ السَّامِعِينَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى طَرِيقَةِ التَّعْرِيضِ، وَهُمُ الْمُخَاطَبُونَ بِالْقَوْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا.

فَجُمْلَةُ: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ [الْأَنْعَام: ٤٠] ، وَالْوَاوُ لِعَطْفِ الْجُمَلِ، فَتَكُونُ اسْتِئْنَافِيَّةً إِذْ كَانَتِ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهَا اسْتِئْنَافًا. وَافْتُتِحَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ بِلَامِ الْقَسَمِ