يَصْطَفِيهِ وَلَيْسَ الِاخْتِيَارُ لَهُمْ فَيَجْعَلُوا مَنْ لَمْ يُقَدِّمُوهُ عَلَيْهِمْ فِي دِينِهِمْ غَيْرَ أَهْلٍ لِأَنْ يَخْتَارَهُ اللَّهُ.
وَتَقْدِيمُ الظَّرْفِ لِلِاهْتِمَامِ لِأَنَّهُ مَنَاطُ الْإِنْكَارِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ [الزخرف: ٣٢] .
وَالْخَزَائِنُ: جَمْعُ خِزَانَةٍ بِكَسْرِ الْخَاءِ. وَهِيَ الْبَيْتُ الَّذِي يُخَزَّنُ فِيهِ الْمَالُ أَوِ الطَّعَامُ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى صُنْدُوقٍ مِنْ خَشَبٍ أَوْ حَدِيدٍ يُخَزَّنُ فِيهِ الْمَالُ.
وَالْخَزْنُ: الْحِفْظُ وَالْحِرْزُ. وَالرَّحْمَةُ: مَا بِهِ رِفْقٌ بِالْغَيْرِ وَإِحْسَانٌ إِلَيْهِ، شُبِّهَتْ رَحْمَةُ اللَّهِ بِالشَّيْءِ النَّفِيسِ الْمَخْزُونِ الَّذِي تَطْمَحُ إِلَيْهِ النُّفُوسُ فِي أَنَّهُ لَا يُعْطَى إِلَّا بِمَشِيئَةِ خَازِنِهِ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِعَارَةِ الْمَكْنِيَّةِ. وَإِثْبَاتُ الْخَزَائِنِ: تَخْيِيلٌ مِثْلَ إِثْبَاتِ الْأَظْفَارِ لِلْمُنْيَةِ،
وَالْإِضَافَةُ عَلَى مَعْنَى لَامِ الِاخْتِصَاصِ. وَالْعُدُولُ عَنِ اسْمِ الْجَلَالَةِ إِلَى وَصْفٍ لِأَنَّ لَهُ مَزِيدَ مُنَاسَبَةٍ لِلْغَرَضِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ تَشْرِيفَهُ إِيَّاهُ بِالنُّبُوءَةِ مِنْ آثَارِ صِفَةِ رُبُوبِيَّتِهِ لَهُ لِأَنَّ وَصْفَ الرَّبِّ مُؤْذِنٌ بِالْعِنَايَةِ وَالْإِبْلَاغِ إِلَى الْكَمَالِ. وَأُجْرِيَ عَلَى الرَّبِّ صِفَةُ الْعَزِيزِ لِإِبْطَالِ تَدَخُّلِهِمْ فِي تَصَرُّفَاتِهِ، وَصِفَةُ الْوَهَّابِ لِإِبْطَالِ جَعْلِهِمُ الْحِرْمَانَ مِنَ الْخَيْرِ تَابِعًا لِرَغَبَاتِهِمْ دُونَ مَوَادَّةِ اللَّهِ تَعَالَى.
والْعَزِيزِ: الَّذِي لَا يَغْلِبُهُ شَيْءٌ، والْوَهَّابِ: الْكَثِيرُ الْمَوَاهِبِ فَإِنَّ النُّبُوءَةَ رَحْمَةٌ عَظِيمَةٌ فَلَا يُخَوَّلُ إِعْطَاؤُهَا إِلَّا لِشَدِيدِ الْعِزَّةِ وافر الموهبة.
[١٠]
[سُورَة ص (٣٨) : آيَة ١٠]
أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ (١٠)
إِضْرَابٌ انْتِقَالِيٌّ إِلَى رَدٍّ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ مَزَاعِمِهِمْ وَيَشْمَلُ بِإِجْمَالِهِ جَمِيعَ النُّقُوضِ التَّفْصِيلِيَّةِ لِمَزَاعِمِهِمْ بِكَلِمَةٍ جَامِعَةٍ كَالْحَوْصَلَةِ فَيُشْبِهُ التَّذْيِيلَ لِمَا يَتَضَمَّنُهُ مِنْ عُمُومِ الْمُلْكِ وَعُمُومِ الْأَمَاكِنِ الْمُقْتَضِي عُمُومَ الْعِلْمِ وَعُمُومَ التَّصَرُّفِ يُنْعَى عَلَيْهِمْ قَوْلُهُمْ فِي الْمُغَيَّبَاتِ بِلَا عِلْمٍ وَتَحَكُّمُهُمْ فِي مَرَاتِبِ الْمَوْجُودَاتِ بِدُونِ قُدْرَةٍ وَلَا غِنًى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute