للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى الْحَبَشَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا [سُورَة النَّحْل: ١١٠] ، وَبَعْضَهَا مُتَأَخِّرُ النُّزُولِ عَنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ لِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا مَا قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ [سُورَة النَّحْل: ١١٨] ، يَعْنِي بِمَا قَصَّ مِنْ قَبْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ [سُورَة الْأَنْعَام: ١٤٦]

الْآيَاتِ.

وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهُ

رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَرَأْتُهَا عَلَى أَبِي طَالِبٍ فَتَعَجَّبَ وَقَالَ: يَا آلَ غَالِبٍ اتَّبِعُوا ابْنَ أخي تُفْلِحُوا فو اللَّهَ إِن الله أَرْسَلَهُ لِيَأْمُرَكُمْ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ

. وَرَوَى أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ قَالَ: فَذَلِكَ حِينَ اسْتَقَرَّ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِي وَأَحْبَبْتُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ اللَّهُ أَنْ يَضَعَهَا فِي مَوْضِعِهَا هَذَا مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ

. وَهَذِهِ السُّورَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَقَبْلَ سُورَةِ الم السَّجْدَةِ. وَقَدْ عُدَّتِ الثَّانِيَةُ وَالسَّبْعِينَ فِي تَرْتِيبِ نُزُولِ السُّوَرِ.

وَآيُهَا مِائَةٌ وَثَمَانٍ وَعِشْرُونَ بِلَا خِلَافٍ. وَوَقَعَ لِلْخَفَاجِيِّ عَنِ الدَّانِيِّ أَنَّهَا نَيِّفٌ وَتِسْعُونَ. وَلَعَلَّهُ خَطَأٌ أَوْ تَحْرِيفٌ أَوْ نَقْصٌ.

أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

مُعْظَمُ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ السُّورَةُ إِكْثَارٌ مُتَنَوِّعُ الْأَدِلَّةِ عَلَى تَفَرُّدِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْإِلَهِيَّةِ، وَالْأَدِلَّةُ عَلَى فَسَادِ دِينِ الشِّرْكِ وَإِظْهَارِ شَنَاعَتِهِ.

وَأَدِلَّةُ إِثْبَاتِ رِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَإِنْزَالِ الْقُرْآنِ عَلَيْهِ- عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام-.

وَإِنَّ شَرِيعَةَ الْإِسْلَامِ قَائِمَة على صول مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-.