وَتُخَالِطَ بِشَاشَتُهُ قُلُوبَهُمْ، فَهُمْ يَقْتَحِمُونَهُ عَلَى شَكٍّ وَتَرَدُّدٍ فَيَصِيرُ إِيمَانًا رَاسِخًا، وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى ذَلِكَ ثِقَةُ السَّابِقِينَ فِيهِ بِاللَّاحِقِينَ بِهِمْ.
وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَعَادَ اللَّهُ الْأَمْرَ فَقَالَ: فَتَبَيَّنُوا تَأْكِيدًا لِ (تَبَيَّنُوا) الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ، وَذَيَّلَهُ بِقَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً وَهُوَ يَجْمَعُ وعيدا ووعدا.
[٩٥، ٩٦]
[سُورَة النِّسَاء (٤) : الْآيَات ٩٥ إِلَى ٩٦]
لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (٩٥) دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (٩٦)
وَلَمَّا لَامَ اللَّهُ بَعْضَ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى مَا صَدَرَ مِنْهُمْ مَنِ التَّعَمُّقِ فِي الْغَايَةِ مِنَ الْجِهَادِ، عَقَّبَ ذَلِكَ بِبَيَانِ فَضْلِ الْمُجَاهِدِينَ كَيْلَا يَكُونَ ذَلِكَ اللَّوْمُ مُوهِمًا انْحِطَاطَ فَضِيلَتِهِمْ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِمْ، عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي تَعْقِيبِ النِّذَارَةِ بِالْبِشَارَةِ دَفْعًا لِلْيَأْسِ مِنَ الرَّحْمَةِ عَنْ أَنْفُسِ الْمُسْلِمِينَ.
يَقُولُ الْعَرَبُ «لَا يَسْتَوِي وَلَيْسَ سَوَاءً» بِمَعْنَى أَنَّ أَحَدَ الْمَذْكُورِينَ أَفْضَلُ مِنَ الْآخَرِ.
وَيَعْتَمِدُونَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى تَعْيِينِ الْمُفَضَّلِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ.
قَالَ السَّمَوْأَلُ أَوْ غَيْرُهُ:
فَلَيْسَ سَوَاءً عَالِمٌ وَجَهُولُ وَقَالَ تَعَالَى: لَيْسُوا سَواءً [آل عمرَان: ١١٣] ، وَقَدْ يُتْبِعُونَهُ بِمَا يُصَرِّحُ بِوَجْهِ نَفْيِ السَّوَائِيَّةِ: إِمَّا لِخَفَائِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا [الْحَدِيد: ١٠] ، وَقَدْ يَكُونُ التَّصْرِيحُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ كَقَوْلِهِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute