الْإِسْلَامِ مَوْصُوفُونَ بِأَنَّهُمْ أَهْلُ جَهَالَةٍ وَجَاهِلِيَّةٍ، أَوْ جَاهِلِينَ بِالْعِقَابِ الْمُنْتَظَرِ عَلَى مَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَعِنَادِهِمْ إِيَّاهُ.
وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْحُكْمِ مَنْ عَمِلَ حَرَامًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ جَاهِلًا بِأَنَّهُ حَرَامٌ وَكَانَ غَيْرَ مُقَصِّرٍ فِي جَهْلِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ
بِجَهالَةٍ
فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [١٧] .
وَقَوْلُهُ: إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها تَأْكِيدٌ لَفْظِيٌّ لِقَوْلِهِ: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِزِيَادَةِ الِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ عَلَى الِاهْتِمَامِ الْحَاصِلِ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ وَلَامِ الِابْتِدَاءِ. وَيَتَّصِلُ خَبَرُ إِنَّ بِاسْمِهَا لِبُعْدِ مَا بَيْنَهُمَا.
وَوَقَعَ الْخَبَرُ بِوَصْفِ اللَّهِ بِصِفَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ غُفْرَانِهِ لَهُمْ وَرَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ فِي ضِمْنِ وَصْفِ اللَّهِ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ الْعَظِيمَتَيْنِ.
وَالْبَاءُ فِي بِجَهالَةٍ لِلْمُلَابَسَةِ، وَهِيَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ عَمِلُوا.
وَضَمِيرُ مِنْ بَعْدِها عَائِدٌ إِلَى الْجَهَالَةِ أَوْ إِلَى التَّوْبَة.
[١٢٠- ١٢٢]
[سُورَة النَّحْل (١٦) : الْآيَات ١٢٠ إِلَى ١٢٢]
إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٠) شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٢١) وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (١٢٢)
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ لِلِانْتِقَالِ إِلَى غَرَضِ التَّنْوِيهِ بِدِينِ الْإِسْلَامِ بِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ: ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا [سُورَة النَّحْل: ١١٩] الْمَقْصُودُ بِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ اتَّبَعُوا الْإِسْلَامَ، فَبَعْدَ أَنْ بَشَّرَهُمْ بِأَنَّهُ غَفَرَ لَهُمْ مَا عَمِلُوهُ مِنْ قَبْلُ زَادَهُمْ فَضْلًا بِبَيَانِ فَضْلِ الدِّينِ الَّذِي اتَّبَعُوهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute