للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْأَمْرُ فِي فَأَسْقِطْ أَمْرُ تَعْجِيزٍ.

وَالْكِسْفُ بِكَسْرِ الْكَافِ وَسُكُونِ السِّينِ فِي قِرَاءَةِ مَنْ عَدَا حَفْصًا: الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ.

وَقَالَ فِي «الْكَشَّافِ» : هُوَ جَمْعُ كِسْفَةٍ مِثْلُ قِطْعٍ وَسِدْرٍ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، قَالَ تَعَالَى: وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً [الطّور: ٤٤] .

وَقَرَأَ حَفْصٌ كِسَفاً بِكَسْرِ الْكَافِ وَفَتْحِ السِّينِ عَلَى أَنَّهُ جَمْعُ كَسْفٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ:

أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ [٩٢] .

وَقَوْلُهُمْ: إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ كَقَوْلِ ثَمُودَ: فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [الشُّعَرَاء: ١٥٤] إِلَّا أَنَّ هَؤُلَاءِ عَيَّنُوا الْآيَةَ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ تَعْيِينَهَا اقْتِرَاحٌ مِنْهُمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ شُعَيْبًا أَنْذَرَهُمْ بِكِسَفٍ يَأْتِي فِيهِ عَذَابٌ. وَذَلِكَ هُوَ يَوْمُ الظُّلَّةِ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَكَانَ جَوَابُ شُعَيْبٍ بِإِسْنَادِ الْعِلْمِ إِلَى اللَّهِ فَهُوَ الْعَالِمُ بِمَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنَ الْعَذَابِ وَمِقْدَارِهِ. وأَعْلَمُ هُنَا مُبَالَغَةٌ فِي الْعَالِمِ وَلَيْسَ هُوَ بتفضيل.

[١٨٩]

[سُورَة الشُّعَرَاء (٢٦) : آيَة ١٨٩]

فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩)

الظُّلَّةِ: السَّحَابَةُ، كَانَتْ فِيهَا صَوَاعِقُ مُتَتَابِعَةٌ أَصَابَتْهُمْ فَأَهْلَكَتْهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ. وَقَدْ كَانَ الْعَذَابُ مِنْ جِنْسِ مَا سَأَلُوهُ، وَمِنْ إِسْقَاطِ شَيْءٍ مِنَ السَّمَاءِ.

وَقَوْلُهُ: فَكَذَّبُوهُ الْفَاءُ فَصِيحَةٌ، أَيْ فَتَبَيَّنَ مِنْ قَوْلِهِمْ: إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ [الشُّعَرَاء:

١٨٥] أَنَّهُمْ كَذَّبُوهُ، أَيْ تَبَيَّنَ التَّكْذِيبُ وَالثَّبَاتُ عَلَيْهِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَصَدُوهُ مِنْ تَعْجِيزِهِ إِذْ قَالُوا: فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [الشُّعَرَاء: ١٨٧] . وَفِي إِعَادَةِ فِعْلِ التَّكْذِيبِ إِيقَاظٌ لِلْمُشْرِكِينَ بِأَنَّ حَالَهُمْ كَحَالِ أَصْحَابِ شُعَيْبٍ فَيُوشِكُ أَنْ يَكُونَ عقابهم كَذَلِك.

[١٩٠، ١٩١]

[سُورَة الشُّعَرَاء (٢٦) : الْآيَات ١٩٠ إِلَى ١٩١]

إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٩١)

أَيْ فِي ذَلِكَ آيَةٌ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ إِذْ كَانَ حَالُهُمْ كَحَالِ أَصْحَابِ لَيْكَةَ فَقَدْ كَانُوا