للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْولد أَيْضًا، وَهَذَا إِبْطَالٌ ثَالِثٌ بِطَرِيقِ الْكُلِّيَّةِ بَعْدَ أَنْ أَبْطَلَ إِبْطَالًا جُزْئِيًّا، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَوْجُودَاتِ كُلَّهَا مُتَسَاوِيَةٌ فِي وَصْفِ الْمَخْلُوقِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ لَكَانُوا غَيْرَ مَخْلُوقِينَ.

وَجُمْلَةُ: وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ تَذْيِيلٌ لِإِتْمَامِ تَعْلِيمِ الْمُخَاطَبِينَ بَعْضَ صِفَاتِ الْكَمَالِ الثَّابِتَةِ لِلَّهِ تَعَالَى، فَهِيَ جُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهَا مِنَ التَّوْصِيفِ لَا بِاعْتِبَارِ الرَّدِّ. وَلِكَوْنِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ بِمَنْزِلَةِ التَّذْيِيلِ عَدَلَ فِيهَا عَنِ الْإِضْمَارِ إِلَى الْإِظْهَارِ فِي قَوْلِهِ: بِكُلِّ شَيْءٍ دُونَ أَنْ يَقُولَ «بِهِ» لِأَنَّ التَّذْيِيلَاتِ يُقْصَدُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ مُسْتَقِلَّةَ الدَّلَالَةِ بِنَفْسِهَا لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْأَمْثَالَ فِي كَوْنِهَا كَلَامًا جَامِعًا لمعان كَثِيرَة.

[١٠٢]

[سُورَة الْأَنْعَام (٦) : آيَة ١٠٢]

ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٠٢)

وُقُوعُ اسْمِ الْإِشَارَةِ بَعْدَ إِجْرَاءِ الصِّفَاتِ وَالْأَخْبَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ، لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ حَقِيقٌ بِالْأَخْبَارِ وَالْأَوْصَافِ الَّتِي تَرِدُ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ

[الْأَنْعَام: ٩٥] قَبْلَ هَذَا، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٥] .

وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ هُوَ الْمَوْصُوفُ بِالصِّفَاتِ الْمُضَمَّنَةِ بِالْأَخْبَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلِذَلِكَ اسْتُغْنِيَ عَنِ اتِّبَاعِ اسْمِ الْإِشَارَةِ بِبَيَانٍ أَوْ بَدَلٍ، وَالْمَعْنَى: ذَلِكُمُ الْمُبْدِعُ لِلسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْخَالِقُ

كُلَّ شَيْءٍ وَالْعَلِيمُ بِكُلِّ شَيْءٍ هُوَ الله، أهوَ الَّذِي تَعْلَمُونَهُ. وَقَوْلُهُ: رَبُّكُمْ صِفَةٌ لِاسْمِ الْجَلَالَةِ. وَجُمْلَةُ: لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ حَالٌ مِنْ رَبُّكُمْ أَوْ صِفَةٌ. وَقَوْلُهُ: خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ صِفَةٌ لِ رَبُّكُمْ أَوْ لِاسْمِ الْجَلَالَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ نَجْعَلْهُ خَبَرًا لِأَنَّ الْإِخْبَارَ قَدْ تَقَدَّمَ بِنَظَائِرِهِ فِي قَوْلِهِ: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ.