وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ عُمُومِ أَحْوَالٍ، فَالْمَصْدَرُ الْمُنْسَبِكُ مِنْ أَنْ مَعَ الْفِعْلِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَهُوَ كَالْإِخْبَارِ بِالْمَصْدَرِ فَتَأْوِيلُهُ: إِلَّا مُحَاطًا بِكُمْ.
وَقَوْلُهُ: اللَّهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ تَذْكِيرٌ لَهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ رَقِيبٌ عَلَى مَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ.
وَهَذَا تَوْكِيدٌ لِلْحَلِفِ.
وَالْوَكِيلُ: فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، أَيْ مَوْكُولٍ إِلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ فِي وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فِي سُورَةِ آل عمرَان [١٧٣] .
[٦٧]
[سُورَة يُوسُف (١٢) : آيَة ٦٧]
وَقالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (٦٧)
وَقالَ يَا بَنِيَّ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ قالَ اللَّهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ [يُوسُف: ٦٦] .
وَإِعَادَةُ فِعْلِ قالَ لِلْإِشَارَةِ إِلَى اخْتِلَافِ زَمَنِ الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ كَانَا مَعًا مُسَبَّبَيْنِ عَلَى إِيتَاءِ مَوْثِقِهِمْ، لِأَنَّهُ اطْمَأَنَّ لِرِعَايَتِهِمُ ابْنَهُ وَظَهَرَتْ لَهُ الْمَصْلَحَةُ فِي سفرهم للإمتار، فَقَوْلُهُ: يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ صَادِرٌ فِي وَقْتِ إِزْمَاعِهِمُ الرَّحِيلَ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ حِكَايَةِ
قَوْلِهِ هَذَا الْعِبْرَةُ بِقَوْلِهِ: وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَخَّ.
وَالْأَبْوَابُ: أَبْوَابُ الْمَدِينَةِ. وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْبَابِ آنِفًا. وَكَانَتْ مَدِينَةَ (مَنْفِيسَ) مِنْ أَعْظَمِ مُدُنِ الْعَالَمِ فَهِيَ ذَاتُ أَبْوَابٍ. وَإِنَّمَا نَهَاهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَرْعِيَ عَدَدُهُمْ أَبْصَارَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَحُرَّاسَهَا وَأَزْيَاؤُهُمْ أَزْيَاءُ الْغُرَبَاءِ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يُوجِسُوا مِنْهُمْ خِيفَةً مِنْ تَجَسُّسٍ أَوْ سَرِقَةٍ فَرُبَّمَا سَجَنُوهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute