لِأَنَّ مُقْتَضَى فِعْلِ الْعِلْمِ غَيْرُ مُقْتَضَى فِعْلِ (كُتِبَ) . فَلِذَلِكَ كَانَتْ (مَنْ) فِي قَوْلِهِ مَنْ يُحادِدِ شَرْطِيَّةً لَا مَحَالَةَ وَكَانَ الْكَلَامُ جَارِيًا عَلَى اعْتِبَارِ الشَّرْطِيَّةِ وَكَانَ الضَّمِيرُ هُنَالِكَ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ ضَمِيرَ شَأْنٍ.
وَلَمَّا كَانَ الضَّلَالُ مُشْتَهِرًا فِي مَعْنَى الْبُعْدِ عَنِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ لَمْ يُحْتَجْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى ذِكْرِ مُتَعَلِّقِ فِعْلِ يُضِلُّهُ لِظُهُورِ الْمَعْنَى.
وَذُكِرَ مُتَعَلِّقُ فِعْلِ يَهْدِيهِ وَهُوَ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ لِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِهِ غَرِيبٌ إِذِ الشَّأْنُ أَنْ يَكُونَ الْهُدَى إِلَى مَا يَنْفَعُ لَا إِلَى مَا يَضُرُّ وَيُعَذِّبُ.
وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ مُحَسِّنُ الطِّبَاقِ بِالْمُضَادَّةِ. وَقَدْ عُدَّ مِنْ هَذَا الْفَرِيقِ الشَّامِلِ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ.
وَقِيلَ نَزَلَتْ فِيهِ كَانَ كَثِيرَ الْجَدَلِ يَقُولُ: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَالْقُرْآنُ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، وَاللَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى إِحْيَاءِ أَجْسَادٍ بَلِيَتْ وَصَارَتْ تُرَابًا. وَعُدَّ مِنْهُمْ أَيْضًا أَبُو جَهْلٍ، وَأُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ. وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْمَقْصُودَ بِقَوْلِهِ مَنْ يُجادِلُ مُعَيَّنًا خَصَّ الْآيَةَ بِهِ، وَلَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ وَمَا هُوَ إِلَّا تَخْصِيصٌ بِالسَّبَبِ.
[٥]
[سُورَة الْحَج (٢٢) : آيَة ٥]
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ مَا نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ مَا نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute