وَجُمْلَةُ وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً تَذْيِيلٌ لِجُمْلَةِ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى آخِرِهَا.
وَالْقُوَّةُ: الْقُدْرَةُ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً فِي سُورَةِ [هُودٍ: ٨٠] .
وَالْعِزَّةُ: الْعَظَمَةُ وَالْمَنَعَةُ، وَتَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فِي سُورَةِ [الْبَقَرَةِ: ٢٠٦] .
وَذُكِرَ فِعْلُ كانَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ الْعِزَّةَ وَالْقُوَّةَ وَصْفَانِ ثَابِتَانِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَمِنْ تَعَلُّقَاتِ قُوَّتِهِ وَعِزَّتِهِ أَنْ صَرَفَ ذَلِكَ الْجَيْشَ الْعَظِيمَ خَائِبِينَ مُفْتَضِحِينَ وَأَلْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحْلَافِهِ مِنْ قُرَيْظَةَ الشَّكَّ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمُ الرِّيحَ والقرّ، وَهدى نعيما بْنَ مَسْعُودٍ الْغَطَفَانِيَّ إِلَى الْإِسْلَامِ دُونَ أَنْ يَشْعُرَ قَوْمُهُ فَاسْتَطَاعَ النُّصْحَ لِلْمُسْلِمِينَ بِالْكَيْدِ لِلْمُشْرِكِينَ. ذَلِكَ كُلُّهُ معْجزَة للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[٢٦- ٢٧]
[سُورَة الْأَحْزَاب (٣٣) : الْآيَات ٢٦ إِلَى ٢٧]
وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً (٢٧)
كَانَ يَهُودُ قُرَيْظَةَ قَدْ أَعَانُوا الْأَحْزَابَ وَحَاصَرُوا الْمَدِينَةَ مَعَهُمْ وَكَانَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ مُنْضَمًّا إِلَيْهِمْ وَهُوَ الَّذِي حَرَّضَ أَبَا سُفْيَانَ عَلَى غَزْوِ الْمَدِينَةِ. فَلَمَّا صَرَفَ اللَّهُ الْأَحْزَابَ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْزُوَ قُرَيْظَةَ وَهُمْ فَرِيقٌ مِنَ الْيَهُودِ يُعْرَفُونَ بِبَنِي قُرَيْظَةَ وَكَانَتْ مَنَازِلُهُمْ وَحُصُونُهُمْ بِالْجَنُوبِ الشَّرْقِيِّ مِنَ الْمَدِينَةِ تُعَرَفُ قَرْيَتُهُمْ بِاسْمِهِمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَدْ عَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنَ الْخَنْدَقِ ظُهْرًا وَكَانَ بِصَدَدِ أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَسْتَقِرَّ فَلَمَّا جَاءَهُ الْوَحْيُ بِأَنْ يَغْزُوَ قُرَيْظَةَ نَادَى فِي النَّاسِ أَنْ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ. وَخَرَجَ الْجَيْشُ الَّذِي كَانَ بِالْخَنْدَقِ مَعَهُ فَنَزَلُوا عَلَى قَرْيَةِ قُرَيْظَةَ وَاسْتَعْصَمَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ بِحُصُونِهِمْ فَحَاصَرَهُمُ الْمُسْلِمُونَ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَلَمَّا جَهَدَهُمُ الْحِصَارُ وَخَامَرَهُمُ الرُّعْبُ مِنْ أَنْ يَفْتَحَ الْمُسْلِمُونَ بِلَادَهُمْ فَيَسْتَأْصِلُوهُمْ طَمِعُوا أَنْ يَطْلُبُوا أَنْ يُسَلِّمُوا بِلَادَهُمْ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ حَكَمٌ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute