وَيَجُوزُ أَنْ يكون مَا صدق (مَا) نَفْسَ الِافْتِرَاءِ، أَيِ الِافْتِرَاءُ الَّذِي كَانُوا يَفْتَرُونَهُ.
وَضَلَالُهُ: ظُهُورُ نَفْيه وَكذبه.
[٣١]
[سُورَة يُونُس (١٠) : آيَة ٣١]
قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣١)
انْتِقَالٌ مِنْ غَرَضٍ إِلَى غَرَضٍ فِي أَفَانِينِ إِبْطَالِ الشِّرْكِ وَإِثْبَاتِ تَوَحُّدِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْإِلَهِيَّةِ.
وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ تَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الِاسْتِدْلَالِ لِقَوْلِهِ: مَوْلاهُمُ الْحَقِّ [يُونُس: ٣٠] لِأَنَّهَا بُرْهَانٌ عَلَى أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْوِلَايَةِ.
فَاحْتُجَّ عَلَى ذَلِكَ بِمَوَاهِبِ الرِّزْقِ الَّذِي بِهِ قِوَامُ الْحَيَاةِ، وَبِمَوْهِبَةِ الْحَوَاسِّ، وَبِنِظَامِ التَّنَاسُلِ وَالتَّوَالُدِ الَّذِي بِهِ بَقَاءُ الْأَنْوَاعِ، وَبِتَدْبِيرِ نِظَامِ الْعَالَمِ وَتَقْدِيرِ الْمُقَدَّرَاتِ، فَهَذِهِ كُلُّهَا مَوَاهِبُ مِنَ اللَّهِ وَهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ لَا يَفْعَلُهُ إِلَّا اللَّهُ إِذْ لَمْ يَكُونُوا يَنْسُبُونَ إِلَى أَصْنَامِهِمْ هَذِهِ الْأُمُورَ، فَلَا جَرَمَ أَنْ كَانَ الْمُخْتَصُّ بِهَا هُوَ مُسْتَحِقَّ الْوِلَايَةِ والإلهية.
والاستفهام تقديري. وَجَاء الِاسْتِدْلَال بطرِيق الِاسْتِفْهَام وَالْجَوَابِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي صُورَةِ الْحِوَارِ، فَيَكُونُ الدَّلِيلُ الْحَاصِلُ بِهِ أَوْقَعَ فِي نُفُوسِ السَّامِعِينَ، وَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ طُرُقِ
التَّعْلِيمِ مِمَّا يُرَادُ رُسُوخُهُ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْعِلْمِيَّةِ أَنْ يُؤْتَى بِهِ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ.
وَقَوْلُهُ: مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ تَذْكِيرٌ بِأَحْوَالِ الرِّزْقِ لِيَكُونَ أَقْوَى حُضُورًا فِي الذِّهْنِ، فَالرِّزْقُ مِنَ السَّمَاءِ الْمَطَرُ، وَالرِّزْقُ مِنَ الْأَرْضِ النَّبَاتُ كُلُّهُ مِنْ حَبٍّ وَثَمَرٍ وَكَلَأٍ.
وَ (أَمْ) فِي قَوْلِهِ: أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ لِلْإِضْرَابِ الِانْتِقَالِيِّ مِنِ اسْتِفْهَامٍ إِلَى آخَرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute