للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَعْنَى فَلا تَنْتَصِرانِ: فَلَا تَجِدَانِ مَخْلِصًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا تَجِدَانِ نَاصِرًا.

وَالنَّاصِرُ: هَنَا مُرَادٌ مِنْهُ حَقِيقَتُهُ وَمَجَازُهُ، أَيْ لَا تَجِدَانِ مَنْ يَدْفَعُ عَنْكُمَا ذَلِكَ وَلَا مَلْجَأَ تتّقيان بِهِ.

[٣٦]

[سُورَة الرَّحْمَن (٥٥) : آيَة ٣٦]

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٦)

تَكْرِيرٌ كَالْقَوْلِ فِي الَّذِي وَقَعَ قبله قَرِيبا.

[٣٧- ٤٠]

[سُورَة الرَّحْمَن (٥٥) : الْآيَات ٣٧ إِلَى ٤٠]

فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (٣٧) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٨) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (٣٩) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٠)

تَفْرِيعٌ إِخْبَار عَلَى إِخْبَارِ فَرْعٍ عَلَى بَعْضِ الْخَبَرِ الْمُجْمَلِ فِي قَوْلِهِ: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ [الرَّحْمَن: ٣١] إِلَى آخِرِهِ، تَفْصِيلٌ لِذَلِكَ الْإِجْمَالِ بِتَعْيِينِ وَقَتِهِ وَشَيْءٍ مِنْ أَهْوَالِ مَا يَقَعُ فِيهِ لِلْمُجْرِمِينَ وَبَشَائِرِ مَا يُعْطَاهُ الْمُتَّقُونَ مِنَ النَّعِيمِ وَالْحُبُورِ.

وَقَوْلُهُ: فَكانَتْ وَرْدَةً تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ، أَيْ كَانَتْ كَوَرْدَةٍ.

وَالْوَرْدَةُ: وَاحِدَةُ الْوَرْدِ، وَهُوَ زَهْرٌ أَحْمَرُ مِنْ شَجَرَةٍ دَقِيقَةٍ ذَاتِ أَغْصَانٍ شَائِكَةٍ تَظْهَرُ فِي فَصْلِ الرَّبِيعِ وَهُوَ مَشْهُورٌ. وَوَجْهُ الشَّبَهِ قِيلَ هُوَ شِدَّةُ الْحُمْرَةِ، أَيْ يَتَغَيَّرُ لَوْنُ السَّمَاءِ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ أَزْرَقُ إِلَى الْبَيَاضِ، فَيَصِيرُ لَوْنُهَا أَحْمَرَ قَالَ تَعَالَى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ [إِبْرَاهِيم: ٤٨] . وَيَجُوزُ عِنْدِي: أَنْ يَكُونَ وَجْهُ الشَّبَهِ كَثْرَةَ الشُّقُوقِ كَأَوْرَاقِ الْوَرْدَةِ.

وَالدِّهَانُ، بِكَسْرِ الدَّالِ: دُرْدِيُّ الزَّيْتِ. وَهَذَا تَشْبِيهٌ ثَانٍ لِلسَّمَاءِ فِي التَّمَوُّجِ وَالْاِضْطِرَابِ.

وَجُمْلَةُ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ الشَّرْطِ وَجُمْلَةِ الْجَوَابِ وَقَدْ مَثَّلَ بِهَا فِي «مُغْنِي اللَّبِيبِ» لِلْاِعْتِرَاضِ بَيْنَ الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ، وَعَيَّنَ كَوْنَهَا مُعْتَرِضَةً لَا