للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَخْبَرَ عَنْ يَأْسِهِمْ مِنْ رَحْمَة الله بِالْفِعْلِ الْمُضِيِّ تَنْبِيهًا عَلَى تَحْقِيقِ وُقُوعِهِ. وَالْمَعْنَى:

أُولَئِكَ سَيَيْأَسُونَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ لَا مَحَالَةَ.

وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ فِي قَوْلِهِ بِآياتِ اللَّهِ دُونَ ضَمِيرِ التَّكَلُّمِ لِلتَّنْوِيهِ بِشَأْنِ الْآيَاتِ حَيْثُ أُضِيفَتْ إِلَى الِاسْمِ الْجَلِيلِ لِمَا فِي الِاسْمِ الْجَلِيلِ مِنَ التَّذْكِيرِ بِأَنَّهُ حَقِيقٌ بِأَنْ لَا يَكْفُرَ بِآيَاتِهِ. وَالْعُدُولُ إِلَى التَّكَلُّمِ فِي قَوْلِهِ رَحْمَتِي الْتِفَاتٌ عَادَ بِهِ أُسْلُوبُ الْكَلَامِ إِلَى مُقْتَضَى الظَّاهِرِ، وَإِعَادَةُ اسْمِ الْإِشَارَةِ لِتَأْكِيدِ التَّنْبِيهِ عَلَى استحقاقهم ذَلِك.

[٢٤]

[سُورَة العنكبوت (٢٩) : آيَة ٢٤]

فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٤)

لَمَّا تَمَّ الِاعْتِرَاضُ الْوَاقِعُ فِي خِلَالِ قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَادَ الْكَلَامُ إِلَى بَقِيَّةِ الْقِصَّةِ بِذِكْرِ مَا أَجَابَهُ بِهِ قَوْمُهُ.

وَالْفَاءُ تَفْرِيعٌ عَلَى جُمْلَةِ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ [العنكبوت: ١٦] .

وَجِيءَ بِصِيغَةِ حَصْرِ الْجَواب فِي قَوْلهم اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ

يَتَرَدَّدُوا فِي جَوَابِهِ وَكَانَتْ كَلِمَتُهُمْ وَاحِدَةً فِي تَكْذِيبِهِ وَإِتْلَافِهِ وَهَذَا مِنْ تَصَلُّبِهُمْ فِي كُفْرِهِمْ.

ثُمَّ تَرَدَّدُوا فِي طَرِيقِ إِهْلَاكِهِ بَيْنَ الْقَتْلِ بِالسَّيْفِ وَالْإِتْلَافِ بِالْإِحْرَاقِ ثُمَّ اسْتَقَرَّ أَمْرُهُمْ عَلَى إِحْرَاقِهِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ وجَوابَ قَوْمِهِ خَبَرُ كانَ وَاسْمُهَا أَنْ قالُوا. وَغَالِبُ الِاسْتِعْمَالِ أَنْ يُؤَخَّرَ اسْمُهَا إِذَا كَانَ أَنْ الْمَصْدَرِيَّةُ وَصِلَتُهَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا فِي آخِرِ سُورَةِ النُّورِ [٥١] ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُقْرَأْ الِاسْمُ الْمُوَالِي لِفِعْلِ الْكَوْنِ فِي أَمْثَالِهَا فِي غَيْرِ الْقِرَاءَاتِ الشَّاذَّةِ إِلَّا مَنْصُوبًا.

وَقَدْ أُجْمِلَ إِنْجَاؤُهُ مِنَ النَّارِ هُنَا وَهُوَ مُفَصَّلٌ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ.

وَالْإِشَارَةُ بِ ذلِكَ إِلَى الإنجاء الْمَأْخُوذ مِنْ فَأَنْجاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ وَجُعِلَ ذَلِكَ