للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالرُّؤْيَةُ فِي قَوْلِهِ: وَتَرى بَصَرِيَّةٌ، أَيْ أَنَّ حَالَهُمْ فِي ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ. وَالْخِطَابُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ.

وَتَقَدَّمَ مَعْنَى يُسارِعُونَ عِنْدَ قَوْلِهِ: لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ [النِّسَاء:

٤١] .

وَالْإِثْمُ: الْمَفَاسِدُ مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، أُرِيدَ بِهِ هُنَا الْكَذِبُ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ. وَالْعُدْوَانُ: الظُّلْمُ، وَالْمُرَادُ بِهِ الِاعْتِدَاءُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِنِ اسْتَطَاعُوهُ.

وَالسُّحْتُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ [الْمَائِدَة: ٤٢] .

ولَوْلا تَحْضِيضٌ أُرِيدَ مِنْهُ التَّوْبِيخُ.

والرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَاهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ [الْمَائِدَة: ٤٤] الْآيَةَ.

وَاقْتُصِرَ فِي تَوْبِيخِ الرَّبَّانِيِّينَ عَلَى تَرْكِ نَهْيِهِمْ عَنْ قَوْلِ الْإِثْمِ وَأَكْلِ السُّحْتِ، وَلَمْ يُذْكَرِ الْعُدْوَانُ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ الْعُدْوَانَ يَزْجُرُهُمْ عَنْهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَا يَلْتَجِئُونَ فِي زَجْرِهِمْ إِلَى غَيْرِهِمْ، لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِي النُّصْرَةِ عَلَى غَيْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، ضَعْفٌ.

وَجُمْلَةُ لَبِئْسَ مَا كانُوا يَصْنَعُونَ مُسْتَأْنَفَةٌ، ذَمٌّ لِصَنِيعِ الرَّبَّانِيِّينَ وَالْأَحْبَارِ فِي سُكُوتِهِمْ عَنْ تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ، ويَصْنَعُونَ بِمَعْنَى يَعْلَمُونَ، وَإِنَّمَا خُولِفَ هُنَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ قَبْلَهَا لِلتَّفَنُّنِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ يَصْنَعُونَ أَدَلُّ عَلَى التَّمَكُّنِ فِي الْعَمَلِ مِنْ يَعْمَلُونَ.

وَاللَّامُ لِلْقَسَمِ.

[٦٤]

[سُورَة الْمَائِدَة (٥) : آيَة ٦٤]

وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا نَارا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٦٤)

وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ.

عَطْفٌ عَلَى جملَة وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا [الْمَائِدَة: ٦١] ، فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ أُولَئِكَ مِنَ الْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ انْتَقَلَ إِلَى سُوءِ مُعْتَقَدِهِمْ وَخُبْثِ طَوِيَّتِهِمْ لِيُظْهِرَ فَرْطَ التَّنَافِي بَيْنَ مُعْتَقَدِهِمْ وَمُعْتَقَدِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا قَوْلُ الْيَهُودِ الصُّرَحَاءِ غَيْرِ الْمُنَافِقِينَ فَلِذَلِكَ أُسْنِدَ إِلَى اسْمِ (الْيَهُودِ) .