[سُورَة الْحجر (١٥) : آيَة ١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ (١)
الر تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى نَظِيرِ فَاتِحَةِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ يُونُسَ.
وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْفَوَاتِحِ من إعلان التَّحْدِيد بِإِعْجَازِ الْقُرْآنِ.
تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ الْإِشَارَةُ إِلَى مَا هُوَ مَعْرُوفٌ قَبْلَ هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ مِقْدَارِ مَا نَزَلَ بِالْقُرْآنِ، أَيِ الْآيَاتُ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَكُمُ الْمُتَمَيِّزَةُ لَدَيْكُمْ تَمَيُّزًا كَتَمَيُّزِ الشَّيْءِ الَّذِي تُمْكِنُ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ هِيَ آيَاتُ الْكِتَابِ. وَهَذِهِ الْإِشَارَةُ لِتَنْزِيلِ آيَاتِ الْقُرْآنِ مَنْزِلَةَ الْحَاضِرِ الْمُشَاهَدِ.
والْكِتابِ عَلَمٌ بِالْغَلَبَةِ عَلَى الْقُرْآنِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْهُدَى وَالْإِرْشَادِ إِلَى الشَّرِيعَةِ. وَسُمِّيَ كِتَابًا لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِكِتَابَةِ مَا يَنْزِلُ مِنْهُ لِحِفْظِهِ وَمُرَاجَعَتِهِ فَقَدْ سُمِّيَ الْقُرْآنُ كِتَابًا قَبْلَ أَنْ يُكْتَبَ وَيُجْمَعَ لِأَنَّهُ بِحَيْثُ يَكُونُ كِتَابًا.
وَوَقَعَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي مُفْتَتَحِ تَهْدِيدِ الْمُكَذِّبِينَ بِالْقُرْآنِ لِقَصْدِ الْإِعْذَارِ إِلَيْهِمْ بِاسْتِدْعَائِهِمْ لِلنَّظَرِ فِي دَلَائِلَ صِدْقِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَقِّيَّةِ دِينِهِ.
وَلَمَّا كَانَ أَصْلُ التَّعْرِيفِ بِاللَّامِ فِي الِاسْمِ الْمَجْعُولِ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ جَائِيًا مِنَ التَّوَسُّلِ بِحَرْفِ التَّعْرِيفِ إِلَى الدَّلَالَةِ عَلَى مَعْنَى كَمَالِ الْجِنْسِ فِي الْمُعَرَّفِ بِهِ لَمْ يَنْقَطِعْ عَنِ الْعَلَمِ بِالْغَلَبَةِ أَنَّهُ فَائِقٌ فِي جِنْسِهِ بِمَعُونَةِ الْمَقَامِ، فَاقْتَضَى أَنَّ تِلْكَ الْآيَاتِ هِيَ آيَاتُ كِتَابٍ بَالِغٍ مُنْتَهَى كَمَالِ جِنْسِهِ، أَيْ مِنْ كُتُبِ الشَّرَائِعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute