الْكُفْرَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ. وَالْمُرَادُ نَفْيُ الْعَقْلِ الْمُسْتَقِيمِ، أَيِ الَّذِينَ لَا تَهْتَدِي عُقُولُهُمْ إِلَى إِدْرَاكِ الْحَقِّ وَلَا يَسْتَعْمِلُونَ عُقُولَهُمْ بِالنَّظَرِ فِي الْأَدِلَّةِ.
وعَلَى لِلِاسْتِعْلَاءِ الْمَجَازِيِّ الْمُسْتَعْمَلِ فِي التَّمَكُّنِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ بِيَاءِ الْغَيْبَةِ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ الَّذِي قَبْلَهُ. وَقَرَأَهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَنَجْعَلُ بنُون العظمة.
[١٠١]
[سُورَة يُونُس (١٠) : آيَة ١٠١]
قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠١)
اسْتِئْنَاف ناشىء عَنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ [يُونُس: ٩٩] إلَخْ. قَسَّمَ النَّاسَ إِلَى قِسْمَيْنِ: مُؤْمِنِينَ وَكَافِرِينَ، أَيْ فَادْعُهُمْ إِلَى النَّظَرِ فِي دَلَائِلَ الْوَحْدَانِيَّةِ وَالْإِرْشَادِ إِلَى تَحْصِيلِ أَسْبَابِ الْإِيمَانِ وَدَفْعِ غِشَاوَاتِ الْكُفْرِ، وَذَلِكَ بِالْإِرْشَادِ إِلَى النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ بِمَا هُوَ حَوْلَ الْإِنْسَانِ مِنْ أَحْوَالِ الْمَوْجُودَاتِ وَتَصَارِيفِهَا الدَّالَّةِ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ، مِثْلِ أَجْرَامِ الْكَوَاكِبِ، وَتَقَادِيرِ مَسِيرِهَا، وَأَحْوَالِ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ وَالرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ وَالْمَطَرِ، وَكَذَلِكَ الْبِحَارُ وَالْجِبَالُ.
وَافْتُتِحَتِ الْجُمْلَةُ بِ قُلِ لِلِاهْتِمَامِ بِمَضْمُونِهَا. وَقَدْ عَمَّمَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لِتَتَوَجَّهَ كُلُّ نَفْسٍ إِلَى مَا هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهَا وأيسر اسْتِدْلَال عَلَيْهِ لَدَيْهَا.
وَالنَّظَرُ: هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا يَصْلُحُ لِلنَّظَرِ الْقَلْبِيِّ وَالنَّظَرِ الْبَصَرِيِّ، وَلِذَلِكَ عُدِلَ عَنْ إِعْمَالِهِ عَمَلَ أَحَدِ الْفِعْلَيْنِ لِكَيْلَا يَتَمَحَّضَ لَهُ، فَجِيءَ بَعْدَهُ بِالِاسْتِفْهَامِ الْمُعَلِّقِ لِكِلَا الْفِعْلَيْنِ بِحَيْثُ أَصْبَحَ حَمْلُ النَّظَرِ عَلَى كِلَيْهِمَا عَلَى حَدِّ السَّوَاءِ فَصَارَ صَالِحًا لِلْمَعْنَيَيْنِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ، وَذَلِكَ مِنْ مَقَاصِدِ الْقُرْآنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute