للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَا الْخَفَاءَ أَيْ عَالِمِينَ عِلْمًا ذَاتِيًّا لَا يَتَخَلَّفُ عَنَّا وَلَا يَخْتَلِفُ فِي ذَاتِهِ، أَيْ لَا يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ وَلَا التَّرَدُّدَ.

وهُدىً وَرَحْمَةً حَال من بِكِتابٍ. أَوْ مِنْ ضَمِيرِهِ فِي قَوْلِهِ: فَصَّلْناهُ. وَوَصْفُ الْكِتَابِ بِالْمَصْدَرَيْنَ هُدىً وَرَحْمَةً إِشَارَةٌ إِلَى قُوَّةِ هَدْيِهِ النَّاسَ وَجَلْبِ الرَّحْمَةِ لَهُمْ.

وَجُمْلَةُ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ هُمُ الَّذِينَ تَوَصَّلُوا لِلِاهْتِدَاءِ بِهِ وَالرَّحْمَةِ. وَأَنَّ مَنْ لَمْ يُؤْمِنُوا قَدْ حُرِمُوا الِاهْتِدَاءَ وَالرَّحْمَةَ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢] : هُدىً لِلْمُتَّقِينَ.

[٥٣]

[سُورَة الْأَعْرَاف (٧) : آيَة ٥٣]

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ (٥٣)

جُمْلَةُ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ مستأنفة استينافا بَيَانِيًّا، لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ يُثِيرُ سُؤَالَ مَنْ يَسْأَلُ: فَمَاذَا يُؤَخِّرُهُمْ عَنِ التَّصْدِيقِ بِهَذَا الْكِتَابِ الْمَوْصُوفِ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ؟ وَهَلْ أَعْظَمُ مِنْهُ آيَةً عَلَى صدق الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَكَانَ قَوْلُهُ: هَلْ يَنْظُرُونَ كَالْجَوَابِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ، الَّذِي يَجِيشُ فِي نَفْسِ السَّامِعِ. وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ وَلِذَلِكَ جَاءَ بَعْدَهُ الِاسْتِثْنَاءُ.

وَمَعْنَى يَنْظُرُونَ يَنْتَظِرُونَ مِنَ النَّظْرَةِ بِمَعْنَى الِانْتِظَارِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ عُمُومِ الْأَشْيَاءِ الْمُنْتَظَرَاتِ، وَالْمُرَادُ الْمُنْتَظَرَاتُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ وَهُوَ الْآيَاتُ، أَيْ