للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَوْماً أَقْرَبَ إِلَى رَوَاجِ الِاعْتِذَارِ. فَالْمُرَادُ: أَنَّهُ الْأَمْثَلُ مِنْ بَيْنِهِمْ فِي الْمَعَاذِيرِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مُصِيبٌ.

وَإِنْ سَلَكْنَا بِهِ مَسْلَكَ الْمَجَازِ فَهُوَ تَهَكُّمٌ بِالْقَائِلِ فِي سُوءِ تَقْدِيرِهِ مِنْ لَبْثِهِمْ فِي الْقُبُورِ، فَلَمَّا كَانَ كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ متوغّلا فِي الغلظ مُؤْذِنًا بِجَهْلِ الْمُقَدِّرِينَ وَاسْتِبْهَامُ الْأَمْرِ عَلَيْهِمْ دَالًّا عَلَى الْجَهْلِ بِعَظِيمِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي قَضَّى الْأَزْمَانَ الطَّوِيلَةَ وَالْأُمَمَ الْعَظِيمَةَ وَأَعَادَهُمْ بَعْدَ الْقُرُونِ الْغَابِرَةِ، فَكَانَ الَّذِي قُدَّرَ زَمَنَ الْمُكْثِ فِي الْقُبُورِ بِأَقَلِّ قَدْرٍ أَوْغَلَ فِي الْغَلَطِ فَعُبِّرَ عَنْهُ بِ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً تَهَكُّمًا بِهِ وَبِهِمْ مَعًا إِذِ اسْتَوَى الْجَمِيعُ فِي الْخَطَأِ.

وَجُمْلَةُ نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ فِعْلِ يَتَخافَتُونَ وَظَرْفِيَّةِ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ، أَيْ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ ذَلِكَ سِرًّا وَنَحْنُ أَعْلَمُ بِهِ وَإِنَّنَا نُخْبِرُ عَنْ قَوْلِهِمْ يَوْمَئِذٍ خَبَرَ الْعَلِيم الصَّادِق.

[١٠٥- ١٠٧]

[سُورَة طه (٢٠) : الْآيَات ١٠٥ إِلَى ١٠٧]

وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (١٠٥) فَيَذَرُها قَاعًا صَفْصَفاً (١٠٦) لَا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (١٠٧)

لَمَّا جَرَى ذِكْرُ الْبَعْثِ وَوُصِفَ مَا سَيَنْكَشِفُ لِلَّذِينَ أَنْكَرُوهُ مِنْ خَطَئِهِمْ فِي شُبْهَتِهِمْ بِتَعَذُّرِ إِعَادَةِ الْأَجْسَامِ بَعْدَ تَفَرُّقِ أَجْزَائِهَا ذُكِرَتْ أَيْضًا شُبْهَةٌ مِنْ شُبُهَاتِهِمْ كَانُوا يَسْأَلُونَ بِهَا النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُؤَالَ تَعَنُّتٍ لَا سُؤَالَ اسْتِهْدَاءٍ، فَكَانُوا يُحِيلُونَ انْقِضَاءَ هَذَا الْعَالَمِ وَيَقُولُونَ:

فَأَيْنَ تَكُونُ هَذِهِ الْجِبَالُ الَّتِي نَرَاهَا. وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ سَأَلَ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، وَهُمْ أَهْلُ جِبَالٍ لِأَنَّ مَوْطِنَهُمُ الطَّائِفُ وَفِيهِ جَبَلُ كَرَى. وَسَوَاءٌ كَانَ سُؤَالُهُمُ اسْتِهْزَاءً أَمِ

اسْتِرْشَادًا، فَقَدْ أَنْبَأَهُمُ اللَّهُ بِمَصِيرِ