للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي إِلَّا جَدَلًا مُفَرَّغٌ لِلْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ أَوْ لِلْحَالِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ

جَدَلًا عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ، أَيْ مَا ضَرَبُوهُ لِشَيْءٍ إِلَّا لِلْجَدَلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُنْصَبَ عَلَى الْحَالِ بِتَأْوِيلِهِ بِمُجَادِلِينَ أَيْ مَا ضَرَبُوهُ فِي حَالٍ مِنْ أَحْوَالِهِمْ إِلَّا فِي حَالِ أَنَّهُمْ مُجَادِلُونَ لَا مُؤْمِنُونَ بِذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِضْرَابٌ انْتِقَالِيٌّ إِلَى وَصْفِهِمْ بِحُبِّ الْخِصَامِ وَإِظْهَارِهِمْ مِنَ الْحُجَجِ مَا لَا يَعْتَقِدُونَهُ تَمْوِيهًا عَلَى عَامَّتِهِمْ.

وَالْخَصْمُ بِكَسْرِ الصَّادِ: شَدِيدُ التَّمَسُّكِ بِالْخُصُومَةِ وَاللَّجَاجِ مَعَ ظُهُورِ الْحَقِّ عِنْدَهُ، فَهُوَ يُظْهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَقٍّ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُور آلِهَتُنا بِتَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ. وَقَرَأَهُ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكسَائِيّ بتخفيفها.

[٥٩]

[سُورَة الزخرف (٤٣) : آيَة ٥٩]

إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٥٩)

لَمَّا ذُكِرَ مَا يُشِيرُ إِلَى قِصَّةِ جِدَالِ ابْنِ الزِّبَعْرَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ [الْأَنْبِيَاء: ٩٨] ، وَكَانَ سَبَبُ جِدَالِهِ هُوَ أَنَّ عِيسَى قَدْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمْ يَتْرُكِ الْكَلَامَ يَنْقَضِي دُونَ أَنْ يُرْدِفَ بِتَقْرِيرِ عُبُودِيَّةِ عِيسَى لِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ، إِظْهَارًا لِخَطَلِ رَأْيِ الَّذِينَ ادَّعَوْا إِلَهِيَّتَهُ وَعَبَدُوهُ وَهُمُ النَّصَارَى حِرْصًا عَلَى الِاسْتِدْلَالِ لِلْحَقِّ.

وَقَدْ قُصِرَ عِيسَى عَلَى الْعُبُودِيَّةِ عَلَى طَرِيقَةِ قَصْرِ الْقَلْبِ لِلرَّدِّ عَلَى الَّذِينَ زَعَمُوهُ إِلَهًا، أَيْ مَا هُوَ إِلَّا عَبْدٌ لَا إِلَهٌ لِأَنَّ الْإِلَهِيَّةَ تُنَافِي الْعُبُودِيَّةَ. ثُمَّ كَانَ قَوْلُهُ: أَنْعَمْنا عَلَيْهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ قَدْ فُضِّلَ بِنِعْمَةِ الرِّسَالَةِ، أَيْ فَلَيْسَتْ لَهُ خُصُوصِيَّةُ مَزِيَّةٍ عَلَى بَقِيَّةِ الرُّسُلِ، وَلَيْسَ تَكْوِينُهُ بِدُونِ أَبٍ إِلَّا إِرْهَاصًا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ فَهُوَ إِبْطَالٌ لِشُبْهَةِ الَّذِينَ أَلَّهُوهُ