للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَ (الْعَظِيمِ) صَالِحٌ لِأَنْ يُجْعَلَ وَصْفًا لِ رَبِّكَ، وَهُوَ عَظِيمٌ بِمَعْنَى ثُبُوتِ جَمِيعِ الْكَمَالِ لَهُ وَهَذَا مَجَازٌ شَائِعٌ مُلْحَقٌ بِالْحَقِيقَةِ وَصَالِحٌ لِأَنْ يكون وَصفا لاسم وَالِاسْمُ عَظِيمٌ عَظَمَةً مَجَازِيَّةً لِيُمْنِهِ وَلِعَظَمَةِ المسمّى بِهِ.

[٧٥- ٨٠]

[سُورَة الْوَاقِعَة (٥٦) : الْآيَات ٧٥ إِلَى ٨٠]

فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (٧٩)

تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨٠)

تَفْرِيعٌ عَلَى جُمْلَةِ قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ [الْوَاقِعَة: ٤٩، ٥٠] يُعْرِبُ عَنْ خِطَابٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مُوَجَّهٍ إِلَى الْمُكَذِّبِينَ بِالْبَعْثِ الْقَائِلين: أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً

وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ

[الْوَاقِعَة: ٤٧] ، انْتَقَلَ بِهِ إِلَى التَّنْوِيهِ بِالْقُرْآنِ لِأَنَّهُمْ لَمَّا كَذَّبُوا بِالْبَعْثِ وَكَانَ إِثْبَاتُ الْبَعْثِ مِنْ أَهَمِّ مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ وَكَانَ مِمَّا أَغْرَاهُمْ بِتَكْذِيبِ الْقُرْآنِ اشْتِمَالُهُ عَلَى إِثْبَاتِ الْبَعْثِ الَّذِي عَدُّوهُ مُحَالًا، زِيَادَةً عَلَى تَكْذِيبِهِمْ بِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ مِنْ إِبْطَالِ شِرْكِهِمْ وَأَكَاذِيبِهِمْ، فَلَمَّا قَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَى خَطَئِهِمْ فِي تَكْذِيبِهِمْ، فَقَدْ تَبَيَّنَ صِدْقُ مَا أَنْبَأَهُمْ بِهِ الْقُرْآنُ فَثَبت صدقه وَلذَلِك تَهَيَّأَ الْمَقَامُ لِلتَّنْوِيهِ بِشَأْنِهِ.

وَالْفَاءُ لِتَفْرِيعِ الْقَسَمِ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ أَدِلَّةِ وُقُوعِ الْبَعْثِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ [الْوَاقِعَة: ٤٩، ٥٠] ، إِخْبَارٌ بِيَوْمِ الْبَعْثِ وَإِنْذَارٌ لَهُمْ بِهِ وَهُمْ قَدْ أَنْكَرُوهُ، وَلِأَجْلِ اسْتِحَالَتِهِ فِي نَظَرِهِمُ الْقَاصِرِ كَذَّبُوا الْقُرْآنَ وَكَذَّبُوا مَنْ جَاءَ بِهِ، فَفَرَّعَ عَلَى تَحْقِيقِ وُقُوعِ الْبَعْثِ وَالْإِنْذَارِ بِهِ تَحْقِيقَ أَنَّ الْقُرْآنَ مُنَزَّهٌ عَنِ النَّقَائِصِ وَأَنَّهُ تَنْزِيلٌ مِنَ اللَّهِ وَأَنَّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُبَلِّغٌ عَنِ اللَّهِ.

فَتَفْرِيعُ الْقَسَمِ تَفْرِيعٌ مَعْنَوِيٌّ بِاعْتِبَارِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَيْضًا تَفْرِيعٌ ذِكْرِيٌّ بِاعْتِبَارِ إِنْشَاءِ الْقَسَمِ إِنْ قَالُوا لَكُمْ: أَقْسَمَ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ.

وَقَدْ جَاءَ تَفْرِيعُ الْقَسَمِ عَلَى مَا قَبْلَهُ بِالْفَاءِ تَفْرِيعًا فِي مُجَرَّدِ الذِّكْرِ فِي قَوْلِ زُهَيْرٍ:

فَأَقْسَمْتُ بِالَبَيْتِ الَّذِي طَافَ حَوْلَهُ ... رِجَالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُرَيْشٍ وَجُرْهُمِ

عَقِبَ أَبْيَاتِ النَّسِيبِ مِنْ مُعَلَّقَتِهِ، وَلَيْسَ بَين النسيب وَبَين مَا تَفَرَّعَ عَنْهُ مِنَ