بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
١٠٢- سُورَةُ التَّكَاثُرِ
قَالَ الْآلُوسِيُّ: أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمُّونَهَا «الْمَقْبَرَةَ» اهـ.
وَسُمِّيَتْ فِي مُعْظَمِ الْمَصَاحِفِ وَمُعْظَمِ التَّفَاسِيرِ «سُورَةَ التَّكَاثُرِ» وَكَذَلِكَ عَنْوَنَهَا التِّرْمِذِيُّ فِي «جَامِعِهِ» وَهِيَ كَذَلِكَ مُعَنْوَنَةٌ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ الْعَتِيقَةِ بِالْقَيْرَوَانِ. وَسُمِّيَتْ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ «سُورَةَ أَلْهَاكُمْ» وَكَذَلِكَ تَرْجَمَهَا الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ مِنْ «صَحِيحِهِ» .
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: هِيَ مَكِّيَّةٌ لَا أَعْلَمُ فِيهَا خِلَافًا.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْكَلْبِيِّ وَمُقَاتِلٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مُفَاخَرَةٍ جَرَتْ بَيْنَ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَبَنِي سَهْمٍ فِي الْإِسْلَامِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا وَكَانُوا مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ وَلِأَنَّ قُبُورَ أَسْلَافِهِمْ بِمَكَّةَ.
وَفِي «الْإِتْقَانِ» : الْمُخْتَارُ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ. قَالَ: وَيَدُلُّ لَهُ مَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَبِيلَتَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ تَفَاخَرُوا،
وَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أُبِيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ وَلنْ يمْلَأ فَاه إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ»
. قَالَ أُبَيٌّ: كُنَّا نرى هَذَا فِي الْقُرْآنِ حَتَّى نَزَلَتْ: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ [التَّكَاثُرُ: ١] اهـ. يُرِيدُ الْمُسْتَدِلُّ بِهَذَا أَنَّ أُبَيًّا أَنْصَارِيٌ وَأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: حَتَّى نَزَلَتْ:
أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ، أَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ أَنْ كَانُوا يَعُدُّونَ: «لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ إِلَخْ مِنَ الْقُرْآنِ» وَلَيْسَ فِي كَلَامِ أُبَيٍّ دَلِيلٌ نَاهِضٌ إِذْ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِضَمِيرِ (كُنَّا) الْمُسْلِمِينَ، أَيْ كَانَ مَنْ سَبْقَ مِنْهُمْ يَعُدُّ ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ حَتَّى نَزَلَتْ سُورَةُ التَّكَاثُرِ وَبَيَّنَ لَهُمُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مَا كَانُوا يَقُولُونَهُ لَيْسَ بِقُرْآنٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute