للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي عَدَمِ التَّأَثُّرِ بِهَا. وَتَعْرِيفُ السَّاحِرُ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ لِقَصْدِ الْجِنْسِ الْمَعْرُوفِ، أَيْ لَا يُفْلِحُ بِهَا كُلُّ سَاحِرٍ.

وَاخْتِيرَ فِعْلُ أَتى دُونَ نَحْوِ: حَيْثُ كَانَ، أَوْ حَيْثُ حَلَّ، لِمُرَاعَاةِ كَوْنِ مُعْظَمِ أُولَئِكَ السَّحَرَة مجلوبون مِنْ جِهَاتِ مِصْرَ، وَلِلرِّعَايَةِ عَلَى فَوَاصِلِ الْآيَاتِ الْوَاقِعَةِ عَلَى حَرْفِ الْأَلِفِ الْمَقْصُورَةِ.

وَتَعْمِيمُ حَيْثُ أَتى لِعُمُومِ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يَحْضُرُهَا، أَيْ بِسِحْرِهِ.

وَتَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِوَصْفِ السَّاحِرِ يَقْتَضِي أَنَّ نَفْيَ الْفَلَاحِ عَنِ السَّاحِرِ فِي أُمُورِ السِّحْرِ لَا فِي تِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا. وَهَذَا تَأْكِيدٌ لِلْعُمُومِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ وُقُوعِ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، لِأَنَّ عُمُومَ الْأَشْيَاءِ يَسْتَلْزِمُ عُمُومَ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي تقع فِيهَا.

[٧٠- ٧١]

[سُورَة طه (٢٠) : الْآيَات ٧٠ إِلَى ٧١]

فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (٧٠) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (٧١)

الْفَاءُ عَاطِفَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ [طه: ٦٩] . وَالتَّقْدِيرُ:

فَأَلْقَى فَتَلَقَّفَتْ مَا صَنَعُوا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ [الشُّعَرَاء: ٦٣] .

وَالْإِلْقَاءُ: الطَّرْحُ عَلَى الْأَرْضِ. وَأَسْنَدَ الْفِعْلَ إِلَى الْمَجْهُولِ لِأَنَّهُمْ لَا مُلْقِيَ لَهُمْ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: فَأَلْقَوْا أَنْفُسَهُمْ سُجَّدًا، فَإِنَّ سُجُودَهُمْ كَانَ إِعْلَانًا بِاعْتِرَافِهِمْ أَنَّ مُوسَى مُرْسَلٌ مِنَ اللَّهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سُجُودُهُمْ تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى.