بِأَنَّ اللَّهَ يُنْجِزُ لَهُ مَا أَرْسَلَهُ لِأَجْلِهِ لَكِنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَسْتَدْرِجَ اللَّهُ الْكَفَرَةَ مُدَّةً قَلِيلَةً لِإِظْهَارِ ثَبَاتِ إِيمَانِ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا قَالَ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ [آل عمرَان: ١٩٦، ١٩٧] .
وَعَبَّرَ عَنِ الْعَصَا بِ مَا الْمَوْصُولَةِ تَذْكِيرًا لَهُ بِيَوْمِ التَّكْلِيمِ إِذْ قَالَ لَهُ: وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسى [طه: ١٧] لِيَحْصُلَ لَهُ الِاطْمِئْنَانُ بِأَنَّهَا صَائِرَةٌ إِلَى الْحَالَةِ الَّتِي صَارَتْ إِلَيْهَا يَوْمَئِذٍ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ لَهُ: وَأَلْقِ عَصَاكَ.
وَالتَّلَقُّفُ: الِابْتِلَاعُ. وَقَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِجَزْمِ تَلْقَفْ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ وَأَلْقِ. وَقَرَأَهُ ابْنُ ذَكْوَانَ بِرَفْعِ تَلْقَفْ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ تَلْقَفْ- بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ-.
وَقَرَأَهُ حَفْصٌ- بِسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ- مِنْ لَقِفَ كَفَرِحَ.
وَجُمْلَةُ إِنَّما صَنَعُوا كيد سحر مُسْتَأْنَفَةٌ ابْتِدَائِيَّةٌ، وَهِيَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ (إِنَّ) وَ (مَا) الموصولة. وَكيد سحر خَبَرُ (إِنَّ) . وَالْكَلَامُ إِخْبَارٌ بَسِيطٌ لَا قَصْرَ فِيهِ. وَكُتِبَ (إِنَّمَا) فِي الْمُصْحَفِ مَوْصُولَةً (إِنَّ) بِ (مَا) الْمَوْصُولَةِ كَمَا تُوصَلُ بِ (مَا) الْكَافَّةِ فِي نَحْوِ إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ [الْبَقَرَة: ١٧٣] وَلَمْ يَكُنِ الْمُتَقَدِّمُونَ يَتَوَخَّوْنَ الْفُرُوقَ فِي رَسْمِ الْخَطِّ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ كَيْدُ ساحِرٍ بِأَلْفٍ بَعْدَ السِّينِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَخَلَفٌ كَيْدُ سِحْرٍ- بِكَسْرِ السِّينِ-.
وَجُمْلَةُ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى مِنْ تَمَامِ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، فَهِيَ مَعْطُوفَةٌ عَلَيْهَا وَحَالٌ مِنْ ضَمِيرِ إِنَّما صَنَعُوا، أَيْ لَا يَنْجَحُ السَّاحِرُ حَيْثُ كَانَ، لِأَنَّ صَنْعَتَهُ تَنْكَشِفُ بِالتَّأَمُّلِ وَثَبَاتِ النَّفْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute