[٢١- ٢٦]
[سُورَة الْفجْر (٨٩) : الْآيَات ٢١ الى ٢٦]
كَلاَّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى (٢٣) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي (٢٤) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ (٢٥)
وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ (٢٦)
كَلَّا: زَجْرٌ وَرَدْعٌ عَنِ الْأَعْمَالِ الْمَعْدُودَةِ قَبْلَهُ، وَهِيَ عَدَمُ إِكْرَامِهِمُ الْيَتِيمَ وَعَدَمُ حَضِّهِمْ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ، وَأَكْلِهِمُ التُّرَاثَ الَّذِي هُوَ مَالُ غَيْرِ آكِلِهِ، وَعَنْ حُبِّ الْمَالِ حُبًّا جَمًّا.
إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ٢١ وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ٢٢ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى ٢٣ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي ٢٤ فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ ٢٥ وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ ٢٦ اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ انْتُقِلَ بِهِ مِنْ تَهْدِيدِهِمْ بِعَذَابِ الدُّنْيَا الَّذِي فِي قَوْلِهِ: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ [الْفجْر: ٦] الْآيَاتِ إِلَى الْوَعِيدِ بِعَذَابِ الْآخِرَةِ. فَإِنِ اسْتَخَفُّوا بِمَا حَلَّ بِالْأُمَمِ قَبْلَهُمْ أَوْ أُمْهِلُوا فَأُخِّرَ عَنْهُمُ الْعَذَابُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ عَذَابًا لَا مَحِيصَ لَهُمْ عَنْهُ يَنْتَظِرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَتَذَكَّرُونَ قَسْرًا فَلَا يَنْفَعُهُمُ التَّذَكُّرُ، وَيَنْدَمُونَ وَلَاتَ سَاعَةَ مَنْدَمٍ.
فَحَاصِلُ الْكَلَامِ السَّابِقِ أَنَّ الْإِنْسَانَ الْكَافِرَ مَغْرُورٌ يَنُوطُ الْحَوَادِثَ بِغَيْرِ أَسْبَابِهَا، وَيَتَوَهَّمُهَا عَلَى غَيْرِ مَا بِهَا وَلَا يُصْغِي إِلَى دَعْوَةِ الرُّسُلِ فَيَسْتَمِرُّ طُولَ حَيَاتِهِ فِي عَمَايَةٍ، وَقَدْ زُجِرُوا عَنْ ذَلِكَ زَجْرًا مُؤَكَّدًا.
وَأُتْبِعَ زَجْرُهُمْ إِنْذَارًا بِأَنَّهُمْ يَحِينُ لَهُمْ يَوْمٌ يُفِيقُونَ فِيهِ مِنْ غَفْلَتِهِمْ حِينَ لَا تَنْفَعُ الْإِفَاقَةُ.
وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ هُوَ قَوْلُهُ: فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ، وَقَوْلُهُ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ [الْفجْر: ٢٧] ، وَأَمَّا مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ إِلَى قَوْلِهِ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ فَهُوَ تَوْطِئَةٌ وَتَشْوِيقٌ لِسَمَاعِ مَا يَجِيءُ بَعْدَهُ وَتَهْوِيلٌ لِشَأْنِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي عُرِّفَ بِإِضَافَةِ جُمْلَةِ دُكَّتِ الْأَرْضُ وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الْجُمَلِ وَقَدْ عُرِّفَ بِأَشْرَاطِ حُلُولِهِ وَبِمَا يَقَعُ فِيهِ مِنْ هَوْلِ الْعِقَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute