للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ عُدَّتِ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ فِي عداد الثَّامِنَة عشرَة فِي عِدَادِ نُزُولِ السُّوَرِ، نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الْمَاعُونِ وَقَبْلَ سُورَةِ الْفِيلِ.

وَعَدَدُ آياتها سِتّ.

[أغراضها]

وَسَبَبُ نُزُولِهَا فِيمَا

حَكَاهُ الْوَاحِدِيُّ فِي «أَسْبَابِ النُّزُولِ» وَابْنُ إِسْحَاقَ فِي «السِّيرَةِ» أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يطوف بِالْكَعْبَةِ فَاعْتَرَضَهُ الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ. وَكَانُوا ذَوِي أَسْنَانٍ فِي قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ هَلُمَّ فَلْنَعْبُدْ مَا تَعْبُدُ سَنَةً وَتَعَبُدْ مَا نَعْبُدُ سَنَةً فَنَشْتَرِكُ نَحْنُ وَأَنْتَ فِي الْأَمْرِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي تَعْبُدُ خَيْرًا مِمَّا نَعْبُدُ كُنَّا قد أَخذنَا بحظنا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مَا نَعْبُدُ خَيْرًا مِمَّا تَعْبُدُ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ بِحَظِّكَ مِنْهُ فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أُشْرِكَ بِهِ غَيْرَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكافِرُونَ السُّورَةَ كُلَّهَا، فَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَفِيهِ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ فَيَئِسُوا مِنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ

(وَإِنَّمَا عَرَضُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ رَأَوْا حِرْصَهُ عَلَى أَنْ يُؤْمِنُوا فطمعوا أَن يستنزلوه إِلَى الِاعْتِرَافِ بِإِلَهِيَّةِ أَصْنَامِهِمْ) .

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَيَئِسُوا مِنْهُ وَآذَوْهُ وَآذَوْا أَصْحَابَهُ.

وَبِهَذَا يُعْلَمُ الْغَرَضُ الَّذِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ تَأْيِيسُهُمْ مِنْ أَنْ يُوَافِقَهُمْ فِي شَيْءٍ مِمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ بِالْقَوْلِ الْفَصْلِ الْمُؤَكَّدِ فِي الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ وَأَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ لَا يُخَالِطُ شَيْئًا مِنْ دين الشّرك.

[١- ٣]

[سُورَة الْكَافِرُونَ (١٠٩) : الْآيَات ١ إِلَى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قُلْ يَا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣)

افْتِتَاحُهَا بِ قُلْ لِلِاهْتِمَامِ بِمَا بَعْدَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ كَلَامٌ يُرَادُ إِبْلَاغُهُ إِلَى النَّاسِ بِوَجْهٍ خَاصٍّ مَنْصُوصٍ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ مُرْسَلٌ بِقَوْلٍ يُبَلِّغُهُ وَإِلَّا فَإِنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ مَأْمُورٌ بِإِبْلَاغِهِ، وَلِهَذِهِ الْآيَةِ نَظَائِرُ فِي الْقُرْآنِ مُفْتَتَحَةٌ بِالْأَمْرِ بِالْقَوْلِ فِي غَيْرِ جَوَابٍ عَنْ