للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدُّنْيَا أَوْ هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْجَدَلِ وَلِذَلِكَ أُتْبِعَ بِقَوْلِهِ: وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ [الزخرف: ٨٦] .

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ تُرْجَعُونَ بِالْفَوْقِيَّةِ عَلَى الِالْتِفَاتِ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ لِلْمُبَاشَرَةِ بِالتَّهْدِيدِ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِالتَّحْتِيَّةِ تَبَعًا لِأُسْلُوبِ الضَّمَائِرِ الَّتِي قَبْلَهُ، وَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ مَبْنِيّ للْمَجْهُول.

[٨٦]

[سُورَة الزخرف (٤٣) : آيَة ٨٦]

وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦)

لَمَّا أَنْبَأَهُمْ أَنَّ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ أَعْلَمَهُمْ أَنَّ مَا يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَشْفَعَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا إِبْطَالًا لِزَعْمِهِمْ أَنَّهُمْ شُفَعَاؤُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ. وَلَمَّا كَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ عَبَدُوا دُونَ اللَّهِ الْمَلَائِكَةُ اسْتَثْنَاهُمْ بِقَوْلِهِ: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَيْ فَهُمْ يُشَفَّعُونَ، وَهَذَا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ [الْأَنْبِيَاء: ٢٦] ثُمَّ قَالَ: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى، وَقَدْ

مَضَى فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ [٢٨] .

وَوَصَفَ الشُّفَعَاءَ بِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَيْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ حَالَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الشَّفَاعَةَ. فَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَشْفَعُونَ لِلَّذِينِ خَالَفَ حَالُهُمْ حَالَ مَنْ يَشْهَدُ لله بِالْحَقِّ.

[٨٧]

[سُورَة الزخرف (٤٣) : آيَة ٨٧]

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧)

بَعْدَ أَنْ أَمْعَنَ فِي إِبْطَالِ أَنْ يَكُونَ إِلَهٌ غَيْرَ اللَّهِ بِمَا سِيقَ مِنَ التَّفْصِيلَاتِ، جَاءَ هُنَا بِكَلِمَةٍ جَامِعَةٍ لِإِبْطَالِ زَعْمِهِمْ إِلَهِيَّةَ غَيْرِ اللَّهِ بِقَوْلِهِ: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ