الصُّفَّةِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالهم. قَالَ: أَو لَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ بِهِ، إِنَّ لَكُمْ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٍ
بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةً، وَنَهْيٍ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةً»
. وَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ: لَمَّا أمرنَا بِالصَّدَقَةِ كَمَا نُحَامِلُ فَيُصِيبُ أَحَدُنَا الْمُدَّ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ. وَمِمَّا يُشِيرُ إِلَى مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً [الْإِنْسَان: ٨- ١٠] الْآيَاتِ.
وَخَبَرُ إِنَّ جُمْلَةُ أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ.
وَافْتُتِحَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِزِيَادَةِ تَمْيِيزِهِمْ لِلسَّامِعِينَ لِأَنَّ مِثْلَهُمْ أَحْرِيَاءُ بِأَنْ يُعْرَفُوا.
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَعْنَى يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ آنِفًا.
وَمَعْنَى وَهُمْ لَها سابِقُونَ أَنَّهُمْ يَتَنَافَسُونَ فِي الْإِكْثَارِ مِنْ أَعْمَالِ الْخَيْرِ، فَالسَّبْقُ تَمْثِيلٌ لِلتَّنَافُسِ وَالتَّفَاوُتِ فِي الْإِكْثَارِ مِنَ الْخَيْرَاتِ بِحَالِ السَّابِقِ إِلَى الْغَايَةِ، أَوِ الْمَعْنَى وَهُمْ مُحْرِزُونَ لِمَا حَرَصُوا عَلَيْهِمْ، فَالسَّبْقُ مُجَازٌ لِإِحْرَازِ الْمَطْلُوبِ لِأَنَّ الْإِحْرَازَ مِنْ لَوَازِمِ السَّبْقِ.
وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى (إِلَى) . وَقَدْ قِيلَ إِنَّ فِعْلَ السَّبْقِ يَتَعَدَّى بِاللَّامِ كَمَا يَتَعَدَّى بِ (إِلَى) . وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ لِلِاهْتِمَامِ ولرعاية الفاصلة.
[٦٢]
[سُورَة الْمُؤْمِنُونَ (٢٣) : آيَة ٦٢]
وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٦٢)
تَذْيِيلٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْوَالِ الَّذِينَ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ. لِأَنَّهُ لَمَّا ذُكِرَ مَا اقْتَضَى مُخَالَفَةَ الْمُشْرِكِينَ لِمَا أُمِرُوا بِهِ مِنْ تَوْحِيدِ الدِّينِ، وَذُكِرَ بَعْدَهُ مَا دَلَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute