وَالْمُرِيبُ: اسْمُ فَاعِلٍ مَنْ أَرَابَ إِذَا أُوقِعَ فِي الرَّيْبِ، يُقَالُ: رَابَهُ وَأَرَابَهُ بِمَعْنًى،
وَوَصْفُ الشَّكِّ بِذَلِكَ تَأْكِيدٌ كَقَوْلِهِمْ: جدّ جدّه.
[٦٣]
[سُورَة هود (١١) : آيَة ٦٣]
قالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (٦٣)
جَوَابٌ عَنْ كَلَامِهِمْ فَلِذَلِكَ لَمْ تُعْطَفْ جُمْلَةُ قالَ وَهُوَ الشَّأْنُ فِي حِكَايَةِ الْمُحَاوَرَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ.
وَابْتِدَاءُ الْجَوَابِ بِالنِّدَاءِ لِقَصْدِ التَّنْبِيهِ إِلَى مَا سَيَقُولُهُ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ.
وَخَاطَبَهُمْ بِوَصْفِ الْقَوْمِيَّةِ لَهُ لِلْغَرَضِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي قِصَّةِ نوح.
وَالْكَلَام فِي قَوْلِهِ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً كَالْكَلَامِ عَلَى نَظِيرِهَا فِي قِصَّةِ نُوحٍ.
وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ هُنَا أَنْ يَسْأَلَ عَنْ مُوجِبِ تَقْدِيمِ مِنْهُ عَلَى رَحْمَةً هُنَا، وَتَأْخِيرِ مِنْ عِنْدِهِ [هود: ٢٨] عَن رَحْمَةً [هود: ٢٨] فِي قِصَّةِ نُوحٍ السَّابِقَةِ.
فَالْجَوَابُ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّفَنُّنِ بِعَدَمِ الْتِزَامِ طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ فِي إِعَادَةِ الْكَلَامِ الْمُتَمَاثِلِ، هُوَ أَيْضًا أَسْعَدُ بِالْبَيَانِ فِي وُضُوحِ الدَّلَالَةِ وَدَفْعِ اللَّبْسِ. فَلَمَّا كَانَ مَجْرُورُ (مِنْ) الِابْتِدَائِيَّةِ ظَرْفًا وَهُوَ (عِنْدَ) كَانَ صَرِيحًا فِي وَصْفِ الرَّحْمَةِ بِصِفَةٍ تَدُلُّ عَلَى الِاعْتِنَاءِ الرَّبَّانِيِّ بِهَا وَبِمَنْ أُوتِيَهَا. وَلَمَّا كَانَ الْمَجْرُورُ هُنَا ضَمِيرَ الْجَلَالَةِ كَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقَعَ عَقِبَ فِعْلِ آتانِي لِيَكُونَ تَقْيِيدُ الْإِيتَاءِ بِأَنَّهُ من الله مشير إِلَى إِيتَاءٍ خَاصٍّ ذِي عِنَايَةٍ بِالْمُؤْتَى إِذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ كَوْنُهُ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute