وَ (الْأُمُورَ) جَمْعُ أَمْرٍ، وَهُوَ اسْمٌ مُبْهَمٌ مِثْلُ شَيْءٍ كَمَا فِي قَوْلِ الْمَوْصِلِيِّ:
وَلَكِنْ مَقَادِيرُ جَرَتْ وَأُمُورُ وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِيهِ لِلْجِنْسِ، أَيْ أُمُورًا تَعْرِفُونَ بَعْضَهَا وَلَا تَعْرِفُونَ بَعْضًا.
وحَتَّى غَايَةٌ لِتَقْلِيبِهِمُ الْأُمُورَ.
وَمَجِيءُ الْحَقِّ حُصُولُهُ وَاسْتِقْرَارُهُ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ زَوَالُ ضَعْفِ الْمُسْلِمِينَ وَانْكِشَافُ أَمْرِ الْمُنَافِقِينَ.
وَالْمُرَادُ بِظُهُورِ أَمْرِ اللَّهِ نَصْرُ الْمُسْلِمِينَ بِفَتْحِ مَكَّةَ وَدُخُولُ النَّاسِ فِي الدِّينِ أَفْوَاجًا وَذَلِكَ يَكْرَهُهُ الْمُنَافِقُونَ.
الظُّهُورُ وَالْغَلَبَةُ وَالنَّصْرُ.
وأَمْرُ اللَّهِ دِينُهُ، أَيْ فَلَمَّا جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ عَلِمُوا أَنَّ فِتْنَتَهُمْ لَا تَضُرُّ الْمُسْلِمِينَ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَرَوْا فَائِدَةً فِي الْخُرُوجِ مَعَهُمْ إِلَى غَزْوَةِ تَبُوكَ فَاعْتَذَرُوا عَنِ الْخُرُوجِ مِنْ أول الْأَمر.
[٤٩]
[سُورَة التَّوْبَة (٩) : آيَة ٤٩]
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (٤٩)
نَزَلَتْ فِي بَعْضِ الْمُنَافِقِينَ اسْتَأْذَنُوا النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ تَبُوكَ وَلَمْ يُبْدُوا عُذْرًا يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْغَزْوِ، وَلَكِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْخُرُوجَ إِلَى الْغَزْوِ يَفْتِنُهُمْ لِمَحَبَّةِ أَمْوَالِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ، فَفَضَحَ اللَّهُ أَمْرَهُمْ بِأَنَّهُمْ مُنَافِقُونَ: لِأَنَّ ضَمِيرَ الْجَمْعِ الْمَجْرُورَ عَائِدٌ إِلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [التَّوْبَة: ٤٥] ، وَقِيلَ: قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: ائْذَنْ لَنَا لِأَنَّا قَاعِدُونَ أَذِنْتَ لَنَا أَمْ لَمْ تَأْذَنْ فَأْذَنْ لَنَا لِئَلَّا نَقَعَ فِي الْمَعْصِيَةِ. وَهَذَا مِنْ أَكْبَرِ الْوَقَاحَةِ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَلَا إِذْنٍ، وَلَعَلَّهُمْ قَالُوا ذَلِك لَعَلَّهُم بِرِفْقِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ: إِنَّ الْجَدَّ بْنَ قَيْسٍ قَالَ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ النَّاسُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute