للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْهُ أَنْ يَكُونَ كَذَا أَوْ لَا يَكُونَ، كَذَا إِمَّا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ وَإِمَّا عَلَى سَبِيلِ الْإِمْكَانِ. وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً. وَالثَّانِي بِإِعْطَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ [المرسلات:

٢٣] أَوْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ: قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً اه.

وَالْقَدْرُ: مُصْدَرُ قَدَرَهُ الْمُتَعَدِّي إِلَى مَفْعُولٍ- بِتَخْفِيفِ الدَّالِ- الَّذِي مَعْنَاهُ وَضَعَ فِيهِ بِمِقْدَارٍ كِمِّيَّةً ذَاتِيَّةً أَوْ مَعْنَوِيَّةً تُجْعَلُ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَحَمَّلُهُ الْمَفْعُولُ. فَقَدْرُ كُلِّ مَفْعُولٍ لِفِعْلٍ قَدْرُ مَا تَتَحَمَّلُهُ طَاقَتُهُ وَاسْتِطَاعَتُهُ مِنْ أَعْمَالٍ، أَوْ تَتَحَمَّلُهُ مِسَاحَتُهُ مِنْ أَشْيَاءَ أَوْ يَتَحَمَّلُهُ وَعْيُهُ لِمَا يَكِدُّ بِهِ ذِهْنُهُ مِنْ مَدَارِكَ وَأَفْهَامٍ. وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا الْمَعْنَى مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢٨٦] . وَقَوْلِهِ هُنَا: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتاها [الطَّلَاق: ٧] .

وَمِنْ جُزْئِيَّاتِ مَعْنَى الْقَدْرِ مَا يُسَمَّى التَّقْدِيرُ: مَصْدَرُ قَدَّرَ الْمُضَاعَفِ إِذَا جَعَلَ شَيْئًا أَوْ

أَشْيَاءَ عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مُنَاسِبٍ لِمَا جُعِلَ لِأَجْلِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ فِي سُورَةِ سَبَأٍ [١١] .

[٤، ٥]

[سُورَة الطَّلَاق (٦٥) : الْآيَات ٤ الى ٥]

وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (٤) ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (٥)

وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ.

عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطَّلَاق: ١] فَإِنَّ الْعِدَّةَ هُنَالِكَ أُرِيدَ بِهَا الْأَقْرَاءُ فَأَشْعَرَ ذَلِكَ أَنَّ تِلْكَ الْمُعْتَدَّةَ مِمَّنْ لَهَا أَقْرَاءٌ، فَبَقِيَ بَيَانُ اعْتِدَادِ الْمَرْأَةِ الَّتِي تَجَاوَزَتْ سِنَّ الْمَحِيضِ أَوِ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ مَنْ تَحِيضُ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ. وَكِلْتَاهُمَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا آيِسَةٌ مِنَ الْمَحِيضِ، أَيْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.

وَالْوُقُفُ عَلَى قَوْلِهِ: وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ، أَيْ هُنَّ مَعْطُوفَاتٌ عَلَى الْآيِسِينَ.

وَالْيَأْسُ: عَدَمُ الْأَمَلِ. وَالْمَأْيُوسُ مِنْهُ فِي الْآيَةِ يُعْلَمُ مِنَ السِّيَاقِ مِنْ قَوْلِهِ: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطَّلَاق: ١] ، أَيْ يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ سَوَاءً كَانَ الْيَأْسُ مِنْهُ بَعْدَ تَعَدُّدِهِ أَوْ كَانَ بِعَدَمِ ظُهُورِهِ، أَيْ لَمْ يَكُنِ انْقِطَاعَهُ لِمَرَضٍ أَوْ إِرْضَاعٍ. وَهَذَا السِّنُّ يَخْتَلِفُ تَحْدِيدُهُ بِاخْتِلَافِ الذَّوَاتِ وَالْأَقْطَارِ كَمَا يَخْتَلِفُ سِنُّ ابْتِدَاءِ الْحَيْضِ كَذَلِكَ. وَقَدْ