للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشُّهُودِ، ثُمَّ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مِيمِيًّا فِي الْمَعْنَيَيْنِ أَوِ اسْمَ مَكَانٍ لَهُمَا أَوِ اسْمَ زَمَانٍ لَهُمَا، أَيْ يَوْمٍ فِيهِ

ذَلِكَ وَغَيْرُهُ.

وَالْوَيْلُ حَاصِلٌ لَهُمْ فِي الِاحْتِمَالَاتِ كُلِّهَا وَقَدْ دَخَلُوا فِي عُمُومِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ، أَيْ نَفَوْا وَحْدَانِيَّتَهُ، فَدَخَلُوا فِي زُمْرَةِ الْمُشْرِكِينَ لَا مَحَالَةَ، وَلَكِنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ دون الْمُشْركين.

[٣٨]

[سُورَة مَرْيَم (١٩) : آيَة ٣٨]

أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٨)

أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ صِيغَتَا تَعَجُّبٍ، وَهُوَ تَعَجُّبٌ عَلَى لِسَانِ الرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ، أَوْ هُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّعْجِيبِ، وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ، وَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ كِنَايَةً أَيْضًا عَنْ تَهْدِيدِهِمْ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ التَّعْجِيبَ مِنْ بُلُوغِ حَالِهِمْ فِي السُّوءِ مَبْلَغًا يُتَعَجَّبُ مِنْ طَاقَتِهِمْ عَلَى مُشَاهَدَةِ مَنَاظِرِهِ وَسَمَاعِ مَكَارِهِهِ. وَالْمَعْنَى مَا أَسْمَعَهُمْ وَمَا أَبْصَرَهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، أَيْ مَا أَقْدَرَهُمْ عَلَى السَّمْعِ وَالْبَصَرِ بِمَا يَكْرَهُونَهُ. وَقَرِيبٌ هُوَ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ [الْبَقَرَة: ١٧٥] .

وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ غَيْرَ مُسْتَعْمَلٍ فِي التَّعَجُّبِ بَلْ صَادَفَ أَنْ جَاءَ عَلَى صُورَةِ فِعْلِ التَّعَجُّبِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى أَصْلِ وَضْعِهِ أَمْرٌ لِلْمُخَاطَبِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بِأَنْ يَسْمَعَ وَيُبْصِرَ بِسَبَبِهِمْ، وَمَعْمُولُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مَحْذُوفٌ لِقَصْدِ التَّعْمِيمِ لِيَشْمَلَ كُلَّ مَا يَصِحُّ أَنْ يُسْمَعَ وَأَنْ يُبْصَرَ. وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنِ التَّهْدِيدِ.

وَضَمِيرُ الْغَائِبِينَ عَائِدٌ إِلَى (الَّذِينَ كَفَرُوا) ، أَيْ أَعْجِبْ بِحَالِهِمْ يَوْمَئِذٍ مِنْ نَصَارَى وَعَبَدَةِ الْأَصْنَامِ.