[سُورَة هود (١١) : الْآيَات ١٠٠ إِلَى ١٠١]
ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ (١٠٠) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (١٠١)
اسْتِئْنَافٌ لِلتَّنْوِيهِ بِشَأْنِ الْأَنْبَاءِ الَّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا.
وَاسْمُ الْإِشَارَةِ إِلَى الْمَذْكُورِ كُلِّهِ مِنَ الْقَصَصِ مِنْ قِصَّةِ نُوحٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَمَا بَعْدَهَا.
وَالْأَنْبَاءُ: جَمْعُ نَبَأٍ، وَهُوَ الْخَبَرُ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [٣٤] فِي قَوْلِهِ: وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ. وَجُمْلَةُ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ حَالٌ مِنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ. وَعَبَّرَ بِالْمُضَارِعِ مَعَ أَنَّ الْقَصَصَ مَضَى لِاسْتِحْضَارِ حَالَةِ هَذَا الْقَصَصِ الْبَلِيغِ.
وَجُمْلَةُ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ مُعْتَرِضَةٌ. حَالٌ مِنَ الْقُرى.
وقائِمٌ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ عَطْفُ وَحَصِيدٌ، وَالْمَعْنَى: مِنْهَا زَرْعٌ قَائِمٌ وَزَرْعٌ حَصِيدٌ، وَهَذَا تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ.
وَالْقَائِمُ: الزَّرْعُ الْمُسْتَقِلُّ عَلَى سُوقِهِ. وَالْحَصِيدُ: الزَّرْعُ الْمَحْصُودُ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَكِلَاهُمَا مُشَبَّهٌ بِهِ لِلْبَاقِي مِنَ الْقُرَى وَالْعَافِي. وَالْمُرَادُ بِالْقَائِمِ مَا كَانَ مِنَ الْقُرَى الَّتِي قَصَّهَا اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ قُرًى قَائِمًا بَعْضُهَا كَآثَارِ بَلَدِ فِرْعَوْنَ كَالْأَهْرَامِ وَبَلْهُوبَةَ (وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي الْهَوْلِ) وَهَيْكَلِ الْكَرْنَكِ بِمِصْرَ، وَمِثْلَ آثَارِ نِينَوَى بَلَدِ قَوْمِ يُونُسَ، وَأَنْطَاكِيَّةَ قَرْيَةِ الْمُرْسَلِينَ الثَّلَاثَةِ، وَصَنْعَاءَ بَلَدِ قَوْمِ تُبَّعٍ، وَقُرًى بَائِدَةٍ مِثْلَ دِيَارِ عَادٍ، وَقُرَى قَوْمِ لُوطٍ، وَقَرْيَةِ مَدْيَنَ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْقُرَى الْمَذْكُورَةَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ خَاصَّةً. وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ الِاعْتِبَارُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute