للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَ (مِنْ) لِلتَّبْعِيضِ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ بَعْضُ الْأُمَمِ

وَالطَّوَائِفِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهَا بِالْخُلُودِ فِي النَّارِ.

وَأَصْحَابُ النَّارِ: هُمُ الَّذِينَ لَا يُفَارِقُونَهَا فَإِنَّ الصُّحْبَةَ تُشْعِرُ بِالْمُلَازَمَةِ، فَأَصْحَابُ النَّارِ: الْمُخَلَّدُونَ فِيهَا.

[٩]

[سُورَة الزمر (٣٩) : آيَة ٩]

أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (٩)

أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ.

قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ وَحْدَهُمْ أَمَّنْ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ عَلَى أَنَّ الْهَمْزَةَ دَخَلَتْ عَلَى (مَنِ) الْمَوْصُولَةِ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْهَمْزَةُ هَمْزَةَ اسْتِفْهَامٍ وَ (مَنْ) مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ قَبْلَهُ مِنْ ذِكْرِ الْكَافِرِ فِي قَوْلِهِ: وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً إِلَى قَوْلِهِ: مِنْ أَصْحابِ النَّارِ [الزمر: ٨] . وَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ وَالْقَرِينَةُ عَلَى إِرَادَةِ الْإِنْكَارِ تَعْقِيبُهُ بِقَولِهِ:

قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لِظُهُورِ أَنَّ هَلْ فِيهِ لِلِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ وَبِقَرِينَةِ صِلَةِ الْمَوْصُولِ. تَقْدِيرُهُ: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ أَفْضَلُ أَمْ مَنْ هُوَ كَافِرٌ؟

وَالِاسْتِفْهَامُ حِينَئِذٍ تَقْرِيرِيٌّ وَيُقَدَّرُ لَهُ مُعَادِلٌ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَقِبَهُ: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ.

وَجَعَلَ الْفَرَّاءُ الْهمزَة للنداء وأَمَّنْ هُوَ قانِتٌ: النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَادَاهُ اللَّهُ بِالْأَوْصَافِ الْعَظِيمَةِ الْأَرْبَعَةِ لِأَنَّهَا أَوْصَافٌ لَهُ وَنِدَاءٌ لِمَنْ هُمْ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ، يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُولُوا: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ، وَعَلَيْهِ فَإِفْرَادُ (قُلْ) مُرَاعَاةً لِلَّفْظِ (مِنَ) الْمُنَادَى.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ بِتَشْدِيدِ مِيمِ (مَنْ) عَلَى أَنَّهُ لَفْظٌ مُرَكَّبٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ (أَمْ) وَ (مَنْ) فَأُدْغِمَتْ مِيمُ (أَمْ) فِي مِيمِ (مَنْ) . وَفِي مَعْنَاهُ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ (أَمْ) مُعَادِلَةً لِهَمْزَةِ اسْتِفْهَامٍ مَحْذُوفَةٍ مَعَ جُمْلَتِهَا دَلَّتْ عَلَيْهَا (أَمْ) لِاقْتِضَائِهَا مُعَادِلًا. وَدَلَّ عَلَيْهَا تَعْقِيبُهُ بِ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لِأَنَّ التَّسْوِيَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بَيْنَ شَيْئَيْنِ. فَالتَّقْدِيرُ: أَهَذَا الْجَاعِلُ لِلَّهِ أَنْدَادًا