للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجُمْلَةُ وَنَحْفَظُ أَخانا مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ وَنَمِيرُ أَهْلَنا، لِأَنَّ الْمَيْرَ يَقْتَضِي ارْتِحَالًا لِلْجَلْبِ، وَكَانُوا سَأَلُوا أَبَاهُمْ أَنْ يَكُونَ أَخُوهُمْ رَفِيقًا لَهُمْ فِي الارتحال الذُّكُور، فَكَانَت الْمُنَاسب بَيْنَ جُمْلَةِ وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَجُمْلَةِ وَنَحْفَظُ أَخانا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ تَطْمِينًا لِخَاطِرٍ فِيهِمْ.

وَجُمْلَةُ وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ زِيَادَةٌ فِي إِظْهَارِ حِرْصِهِمْ عَلَى سَلَامَةِ أَخِيهِمْ لِأَنَّ فِي

سَلَامَتِهِ فَائِدَةً لَهُمْ بِازْدِيَادِ كَيْلِ بَعِيرٍ، لِأَنَّ يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- لَا يُعْطِي الْمُمْتَارَ أَكْثَرَ مِنْ حِمْلِ بَعِيرٍ مِنَ الطَّعَامِ، فَإِذَا كَانَ أَخُوهُمْ مَعَهُمْ أَعْطَاهُ حِمْلَ بَعِيرٍ فِي عِدَادِ الْأُخْوَةِ. وَبِهِ تَظْهَرُ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَالَّتِي قَبْلَهَا.

وَهَذِهِ الْجُمَلُ مُرَتَّبَةٌ تَرْتِيبًا بَدِيعًا لِأَنَّ بَعْضَهَا مُتَوَلِّدٌ عَنْ بَعْضٍ.

وَالْإِشَارَةُ فِي ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ إِلَى الطَّعَامِ الَّذِي فِي مَتَاعِهِمْ. وَإِطْلَاقُ الْكَيْلِ عَلَيْهِ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى الْمَفْعُولِ بِقَرِينَةِ الْإِشَارَةِ.

قِيلَ: إِنَّ يَعْقُوبَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- قَالَ لَهُمْ: لَعَلَّهُمْ نَسُوا الْبِضَاعَةَ فَإِذَا قَدِمْتُمْ عَلَيْهِمْ فَأَخْبِرُوهُمْ بِأَنَّكُمْ وَجَدْتُمُوهَا فِي رحالكُمْ.

[٦٦]

[سُورَة يُوسُف (١٢) : آيَة ٦٦]

قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللَّهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (٦٦)

اشْتَهَرَ الْإِيتَاءُ وَالْإِعْطَاءُ وَمَا يُرَادُ بِهِمَا فِي إِنْشَاءِ الْحَلِفِ لِيَطْمَئِنَّ بِصِدْقِ الْحَالِفِ غَيْرُهُ وَهُوَ الْمَحْلُوفُ لَهُ.

وَفِي حَدِيثِ الْحَشْرِ «فَيُعْطِي اللَّهَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ غَيْرَهُ»

، كَمَا أُطْلِقَ فِعْلُ الْأَخْذِ عَلَى تَلَقِّي الْمَحْلُوفِ لَهُ لِلْحَلِفِ، قَالَ تَعَالَى: وأخذنا مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً [سُورَة النِّسَاء: ٢١] وقَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ [سُورَة يُوسُف: ٨٠] .