وَفِي «تَقْيِيدِ الْأَبِّيِّ عَلَى تَفْسِيرِ ابْنِ عَرَفَةَ» : وَاخْتَارَ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمَ تَكْفِيرِ مَنْ يَقُولُ بِالْجِهَةِ. قِيلَ لِابْنِ عَرَفَةَ: عَادَتُكَ تَقُولُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُوهِمَةِ الْوَارِدَةِ فِي الْحَدِيثِ كَمَا فِي حَدِيثِ السَّوْدَاءِ وَغَيْرِهَا، فَذِكْرُ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ تَكْفِيرِ مَنْ يَقُولُ بِالتَّجْسِيمِ، فَقَالَ: هَذَا صَعْبٌ وَلَكِنْ تَجَاسَرْتُ عَلَى قَوْلِهِ اقْتِدَاءً بِالشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ لِأَنَّهُ سَبَقَنِي لِذَلِكَ.
وَأَتْبَعَ مَا دَلَّ عَلَى عَظَمَةِ سُلْطَانِهِ تَعَالَى بِمَا يَزِيدُهُ تَقْرِيرًا وَهُوَ جُمْلَةُ: لَهُ مَا فِي السَّماواتِ إِلَخْ. فَهِيَ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى. وَالْجُمْلَتَانِ تَدُلَّانِ عَلَى عَظِيمِ قُدْرَتِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ سَعَةِ السُّلْطَانِ.
وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ لِلْقَصْرِ، رَدًّا عَلَى زَعْمِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّ لِآلِهَتِهِمْ تَصَرُّفَاتٌ فِي الْأَرْضِ، وَأَنَّ لِلْجِنِّ اطِّلَاعًا عَلَى الْغَيْبِ، وَلِتَقْرِيرِ الرَّدِّ ذُكِرَتْ أَنْحَاءُ الْكَائِنَاتِ، وَهِيَ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى.
وَالثَّرَى: التُّرَابُ. وَمَا تَحْتَهُ: هُوَ بَاطِنُ الْأَرْضِ كُلُّهُ.
وَجُمْلَةُ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى.
[٧]
[سُورَة طه (٢٠) : آيَة ٧]
وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (٧)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ [طه: ٦] لِدَلَالَةِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَلَى سَعَةِ عِلْمِهِ تَعَالَى كَمَا دَلَّتِ الْجُمْلَةُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهَا عَلَى عَظِيمِ سُلْطَانِهِ وَقُدْرَتِهِ. وَأَصْلُ النَّظْمِ: وَيَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى إِنْ تَجْهَرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute