للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ إِلَّا إِذَا خَصَّصَ ذَلِكَ بِإِبْدَاءِ الْخَيْرِ لِمَنْ ظَلَمَهُمْ، وَإِخْفَائِهِ عَمَّنْ ظَلَمَهُمْ.

وَفِي الْحَدِيثِ «أَنْ تَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ وَتَصِلَ من قَطعك»

. [١٥٠- ١٥٢]

[سُورَة النِّسَاء (٤) : الْآيَات ١٥٠ إِلَى ١٥٢]

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١٥٠) أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (١٥١) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٥٢)

عَادَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَ التَّعَرُّضِ إِلَى أَحْوَالِ مَنْ أَظْهَرُوا النِّوَاءَ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ، أَوْ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَوِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى صِفَاتِ الْآخَرِينَ، فَالْمُرَادُ مِنَ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ هُنَا هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، قَالَهُ أَهْلُ التَّفْسِيرِ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْيَهُودُ خَاصَّةً لِأَنَّهُمُ الْمُخْتَلِطُونَ بِالْمُسْلِمِينَ وَالْمُنَافِقِينَ، وَكَانَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَهُودًا وَعَبَّرَ عَنْهُمْ بِطَرِيقِ الْمَوْصُولِ دُونَ الِاسْمِ لِمَا فِي الصِّلَةِ مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى وَجه الْخَيْر، وَمِنْ شَنَاعَةِ صَنِيعِهِمْ لِيُنَاسِبَ الْإِخْبَارَ عَنْهُمْ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ بَعْدَ ذَلِكَ.

وَجَمَعَ الرُّسُلَ لِأَنَّ الْيَهُودَ كَفَرُوا بِعِيسَى وَمُحَمَّدٍ- عَلَيْهِمَا السَّلَامُ-، وَالنَّصَارَى كَفَرُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَمَعَ الرُّسُلَ بِاعْتِبَارِ مَجْمُوعِ الْكُفَّارِ، أَوْ أَرَادَ بِالْجَمْعِ الِاثْنَيْنِ، أَوْ أَرَادَ بِالْإِضَافَةِ مَعْنَى الْجِنْسِ فَاسْتَوَى فِيهِ صِيغَةُ الْإِفْرَادِ وَالْجَمْعِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ذَمُّ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُمْ بِدُونِ تعْيين فريق، وَطَرِيق الْعَرَبِ فِي مِثْلِ هَذَا أَن يعبّروا بِصِيغَة الْجُمُوعِ وَإِنْ كَانَ الْمُعَرَّضُ بِهِ وَاحِدًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ [النِّسَاء: ٥٤] وَقَوْلِهِ: الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ [النِّسَاء: ٣٧]