للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَعْنَى وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَقَدْ تَوَلَّى الظَّالِمِينَ فَيَكُونُ الظُّلْمُ عَلَى هَذَا مُرَادًا بِهِ الشِّرْكُ، كَمَا هُوَ الْكَثِيرُ فِي إِطْلَاقِهِ فِي الْقُرْآنِ.

وَالْإِتْيَانُ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِزِيَادَةِ تَمْيِيزِ هَؤُلَاءِ أَوْ هَؤُلَاءِ، وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ جَدَارَتَهُمْ بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ الْإِشَارَةِ كَانَتْ لِأَجْلِ تِلْكَ الصِّفَاتِ أَعْنِي اسْتِحْبَابَ الْكُفْرِ على الْإِيمَان.

[٢٤]

[سُورَة التَّوْبَة (٩) : آيَة ٢٤]

قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٢٤)

ارْتِقَاءٌ فِي التَّحْذِيرِ مِنَ الْعَلَائِقِ الَّتِي قَدْ تُفْضِي إِلَى التَّقْصِيرِ فِي الْقِيَامِ بِوَاجِبَاتِ الْإِسْلَامِ، فَلِذَلِكَ جَاءَتْ زِيَادَةُ تَفْصِيلِ الْأَصْنَافِ مِنْ ذَوِي الْقَرَابَةِ وَأَسْبَابُ الْمُخَالَطَةِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَبَيْنَ الْكَافِرِينَ، وَمِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا نُفُوسُ النَّاسِ فَيَحُولُ تَعَلُّقُهُمْ بِهَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْوَفَاءِ بِبَعْضِ حُقُوقِ الْإِسْلَامِ، فَلِذَلِكَ ذُكِرَ الْأَبْنَاءُ هُنَا لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِهِمْ أَقْوَى مِنَ التَّعَلُّقِ بِالْإِخْوَانِ، وَذُكِرَ غَيْرُهُمْ مِنْ قَرِيبِ الْقَرَابَةِ أَيْضًا.

وَابْتِدَاءُ الْخِطَابِ بِ قُلْ يُشِيرُ إِلَى غِلَظِهِ وَالتَّوْبِيخِ بِهِ.

وَالْمُخَاطَبُ بِضَمَائِرِ جَمَاعَةِ الْمُخَاطَبِينَ: الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ قَصَّرُوا فِي بَعْضِ الْوَاجِبِ أَوِ الْمُتَوَقَّعِ مِنْهُمْ ذَلِكَ، كَمَا يَشْعُرُ بِهِ اقْتِرَانُ الشَّرْطِ بِحَرْفِ الشَّكِّ وَهُوَ إِنْ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ

الْمُسْتَرْسِلِينَ فِي ذَلِكَ الْمُلَابِسِينَ لَهُ هُمْ أَهْلُ النِّفَاقِ، فَهُمُ الْمُعَرَّضُ لَهُمْ بِالتَّهْدِيدِ فِي قَوْلِهِ:

فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ.

وَقَدْ جَمَعَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَصْنَافًا مِنَ الْعَلَاقَاتِ وَذَوِيهَا، مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَأْلَفَهَا النُّفُوسُ وَتَرْغَبَ فِي الْقُرْبِ مِنْهَا وَعَدَمِ مُفَارَقَتِهَا، فَإِذَا كَانَ الثَّبَاتُ عَلَى الْإِيمَانِ يَجُرُّ إِلَى هِجْرَانِ بَعْضِهَا كَالْآبَاءِ وَالْإِخْوَانِ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ يَهْجُرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِذَا اخْتَلَفُوا فِي الدِّينِ،