أَغْرَاضُهَا
مُعْظَمُ مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ التَّحْرِيضُ عَلَى قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَتَرْغِيبُ الْمُسْلِمِينَ فِي ثَوَابِ الْجِهَادِ. افْتُتِحَتْ بِمَا يُثِيرُ حَنَقَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ، أَيْ دِينِهِ.
وَأَعْلَمَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُ لَا يُسَدِّدُ الْمُشْرِكِينَ فِي أَعْمَالِهِمْ وَأَنَّهُ مُصْلِحُ الْمُؤْمِنِينَ فَكَانَ ذَلِكَ كَفَالَةً لِلْمُؤْمِنِينَ بِالنَّصْرِ عَلَى أَعْدَائِهِمْ. وَانْتُقِلَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى الْأَمْرِ بِقِتَالِهِمْ وَعَدَمِ الْإِبْقَاءِ عَلَيْهِمْ. وَفِيهَا وَعْدُ الْمُجَاهِدِينَ بِالْجَنَّةِ، وَأَمْرُ الْمُسْلِمِينَ بِمُجَاهِدَةِ الْكُفَّارِ وَأَنْ لَا يَدْعُوهُمْ إِلَى السَّلْمِ، وَإِنْذَارُ الْمُشْرِكِينَ بِأَنْ يُصِيبَهُمْ مَا أَصَابَ الْأُمَمَ الْمُكَذِّبِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ. وَوَصْفُ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا، وَوَصْفُ جَهَنَّمَ وَعَذَابِهَا. وَوَصْفُ الْمُنَافِقِينَ وَحَالِ انْدِهَاشِهِمْ إِذَا نَزَلَتْ سُورَةٌ فِيهَا الْحَضُّ عَلَى الْقِتَالِ، وَقِلَّةِ تَدَبُّرِهِمُ الْقُرْآنَ وَمُوَالَاتِهِمُ الْمُشْرِكِينَ. وَتَهْدِيدُ الْمُنَافِقِينَ بِأَن الله ينبىء رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسِيمَاهُمْ وَتَحْذِيرُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَنْ يَرُوجَ عَلَيْهِمْ نِفَاقُ الْمُنَافِقِينَ. وَخُتِمَتْ بِالْإِشَارَةِ إِلَى وَعْدِ الْمُسْلِمِينَ بِنَوَالِ السُّلْطَانِ وَحَذَّرَهُمْ إِنْ صَارَ إِلَيْهِمُ الْأَمْرُ مِنَ الْفساد والقطيعة.
[١]
[سُورَة مُحَمَّد (٤٧) : آيَة ١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ (١)
صَدَّرَ التَّحْرِيضَ عَلَى الْقِتَالِ بِتَوْطِئَةٍ لِبَيَانِ غَضَبِ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ لِكُفْرِهِمْ وَصَدِّهِمُ النَّاسَ عَنْ دِينِ اللَّهِ وَتَحْقِيرِ أَمْرِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ مُثِيرًا فِي نُفُوسِ الْمُسْلِمِينَ حَنَقًا عَلَيْهِمْ وَكَرَاهِيَةً فَتَثُورُ فِيهِمْ هِمَّةُ الْإِقْدَامِ عَلَى قِتَالِ الْكَافِرِينَ، وَعَدَمُ الِاكْتِرَاثِ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنْ قُوَّةٍ، حِينَ يَعْلَمُونَ اللَّهَ يَخْذُلُ الْمُشْرِكِينَ وَيَنْصُرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَهَذَا تَمْهِيدٌ لِقَوْلِهِ: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [مُحَمَّد: ٤] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute