[سُورَة آل عمرَان (٣) : آيَة ٨٤]
قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٨٤)
الْمُخَاطَبُ بِفِعْلِ قُلْ هُوَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِيَقُولَ ذَلِكَ بِمَسْمَعٍ مِنَ النَّاسِ: مُسْلِمُهُمْ، وَكَافِرُهُمْ، وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ: وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا أَيْ أُنْزِلَ عَلَيَّ لِتَبْلِيغِكُمْ فَجَعَلَ إِنْزَالَهُ عَلَى الرَّسُولِ وَالْأُمَّةِ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِمَا أُنْزِلَ، وَعَدَّى فِعْلَ (أُنْزِلَ) هُنَا بِحَرْفِ (عَلَى) بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْإِنْزَالَ يَقْتَضِي عُلُوًّا فَوُصُولُ الشَّيْءِ الْمُنَزَّلِ وُصُولُ اسْتِعْلَاءٍ وَعُدِّيَ فِي آيَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِحَرْفِ (إِلَى) بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْإِنْزَالَ يَتَضَمَّنُ الْوُصُولَ وَهُوَ يَتَعَدَّى بِحَرْفِ (إِلَى) . وَالْجُمْلَةُ اعْتِرَاضٌ. وَاسْتِئْنَافٌ: لِتَلْقِينِ النَّبِيءِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالْمُسْلِمِينَ كَلَامًا جَامِعًا لِمَعْنَى الْإِسْلَامِ لِيَدُومُوا عَلَيْهِ، وَيُعْلِنُ بِهِ لِلْأُمَمِ، نَشَأَ عَنْ قَوْلِهِ: أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ [آل عمرَان: ٨٣] .
وَمَعْنَى: لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّنَا لَا نُعَادِي الْأَنْبِيَاءَ، وَلَا يَحْمِلُنَا حُبُّ نَبِيئِنَا عَلَى كَرَاهَتِهِمْ، وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَحُذِفَ الْمَعْطُوفُ وَتَقْدِيرُهُ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ وَآخَرَ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ شِعَارُ الْإِسْلَامِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ [آل عمرَان: ١١٩] .
وَهُنَا انْتَهَتِ الْمُجَادَلَةُ مَعَ نَصَارَى نَجْرَان.
[٨٥]
[سُورَة آل عمرَان (٣) : آيَة ٨٥]
وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٨٥)
عُطِفَ عَلَى جُمْلَةِ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ، كَمَا عَلِمْتَ، وَهَذَا تَأْيِيسٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ النَّجَاةِ فِي الْآخِرَةِ، وَرَدٌّ لِقَوْلِهِمْ: نَحْنُ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، فَنَحْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute