[سُورَة الشورى (٤٢) : آيَة ١٥]
فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٥)
الْفَاءُ لِلتَّفْرِيعِ عَلَى قَوْلِهِ: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً [الشورى: ١٣] إِلَى آخِرِهِ، الْمُفَسَّرِ بَقَوْلِهِ: أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [الشورى: ١٣] الْمُخَلَّلِ بَعْضُهُ بِجُمَلٍ مُعْتَرِضَةٍ مِنْ قَوْلِهِ: كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ إِلَى مَنْ يُنِيبُ [الشورى: ١٣] .
وَاللَّامُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْلِيلِ وَتَكون الْإِشَارَة بذلك إِلَى الْمَذْكُورِ، أَيْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَمْرِ بِإِقَامَةِ الدِّينِ وَالنَّهْيِ عَنِ التَّفَرُّقِ فِيهِ وَتَلَقِّي الْمُشْرِكِينَ لِلدَّعْوَةِ بِالتَّجَهُّمِ وَتَلَقِّي الْمُؤْمِنِينَ لَهَا بِالْقَبُولِ وَالْإِنَابَةِ، وَتَلَقِّي أَهْلِ الْكِتَابِ لَهَا بِالشَّكِّ، أَيْ فَلِأَجَلِ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ، أَيْ لِأَجْلِ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حُصُولِ الِاهْتِدَاءِ لِمَنْ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَمِنْ تَبَرُّمِ الْمُشْرِكِينَ وَمِنْ شَكِّ أَهْلِ الْكِتَابِ فَادْعُ.
وَلَمْ يَذْكُرْ مَفْعُولَ (ادْعُ) لِدَلَالَةِ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ، أَيِ ادْعُ الْمُشْرِكِينَ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا وَأَنَابُوا. وَتَقْدِيمُ (لِذَلِكَ) عَلَى مُتَعَلِّقِهِ وَهُوَ فِعْلُ (ادْعُ) لِلِاهْتِمَامِ بِمَا احْتَوَى عَلَيْهِ اسْمُ الْإِشَارَةِ إِذْ هُوَ مَجْمُوعُ أَسْبَابٍ لِلْأَمْرِ بِالدَّوَامِ عَلَى الدَّعْوَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ فِي قَوْلِهِ: فَلِذلِكَ لَامَ التَّقْوِيَةِ وَتَكُونَ مَعَ مَجْرُورِهَا مَفْعُولَ (ادْعُ) . وَالْإِشَارَةُ إِلَى الدِّينِ مِنْ قَوْلِهِ: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ [الشورى: ١٣] أَيْ فَادْعُ لِذَلِكَ الدِّينِ.
وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ لِلِاهْتِمَامِ بِالدِّينِ.
وَفِعْلُ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ: فَادْعُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الدَّوَامِ عَلَى الدَّعْوَةِ كَقَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [النِّسَاء: ١٣٦] ، بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: كَما أُمِرْتَ، وَفِي هَذَا إِبْطَالٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute