للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِلى أَجَلٍ مُتَعَلِّقًا بِفِعْلِ سَخَّرَ أَيْ: جَعَلَ نِظَامَ تَسْخِيرِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ مُنْتَهِيًا عِنْدَ أَجَلٍ مُقَدَّرٍ.

وَحَرْفُ إِلى عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لِلِانْتِهَاءِ. وَلَيْسَتْ إِلى بِمَعْنَى اللَّامِ عِنْدَ صَاحِبِ «الْكَشَّافِ» هُنَا خِلَافًا لِابْنِ مَالِكٍ وَابْنِ هِشَامٍ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى فِي سُورَةِ فَاطِرٍ [١٣] .

وأَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ عَطْفٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ بِتَنْزِيلِ الْعَالِمِ مَنْزِلَةَ غَيْرِهِ لِعَدَمِ جَرْيِهِ عَلَى مُوجَبِ الْعِلْمِ، فَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ وَلَا يَجْرُونَ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ هَذَا الْعِلْمُ فِي شَيْءٍ من أَحْوَالهم.

[٣٠]

[سُورَة لُقْمَان (٣١) : آيَة ٣٠]

ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٣٠)

كَافُ الْخِطَابِ الْمُتَّصِلِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ مُوَجَّهٌ إِلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ، وَالْمَقْصُودُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَأَنَّ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ بِتَاءِ الْخِطَابِ فِي قِرَاءَةِ نَافِعٍ وَابْنِ كَثِيرٍ وَابْنِ عَامِرٍ وَأَبِي بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ. وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ هُوَ الْمَذْكُورُ آنِفًا وَهُوَ الْإِيلَاجُ وَالتَّسْخِيرُ. وَمَوْقِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَوْقِعُ النَّتِيجَةِ مِنَ الدَّلِيلِ فَلَهَا حُكْمُ بَدَلِ الِاشْتِمَالِ وَلِذَلِكَ فُصِلَتْ وَلَمْ تُعْطَفْ فَإِنَّهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ فَاعِلُ ذَلِكَ فَلَزِمَهُمُ الدَّلِيلُ وَنَتِيجَتُهُ.

وَالْمَعْنَى: أَنَّ إِيلَاجَ اللَّيْلِ فِي النَّهَارِ وَعَكْسَهُ وَتَسْخِيرَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ مُسَبَّبٌ عَنِ انْفِرَادِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْإِلَهِيَّةِ، فَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَهُوَ ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ خَبَرٌ عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ. وَضَمِيرُ الْفَصْلِ مُفِيدٌ لِلِاخْتِصَاصِ، أَيْ: هُوَ الْحَقُّ لَا أَصْنَامُكُمْ وَلَا غَيْرُهَا مِمَّا يُدَّعَى إِلَهِيَّةً غَيْرَهُ تَعَالَى.