للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي عُذْراً، وَعَلَى كِلْتَا الْقِرَاءَتَيْنِ فَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى الْإِنْذَارِ.

وَانْتَصَبَ عُذْراً أَوْ نُذْراً عَلَى بَدَلِ الِاشْتِمَالِ مِنْ ذِكْراً وأَوْ فِي قَوْلِهِ: أَوْ نُذْراً لِلتَّقْسِيمِ.

وَجُمْلَةُ إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ جَوَابُ الْقَسَمِ وَزِيدَتْ تَأْكِيدًا بِأَنَّ لِتَقْوِيَةِ تَحْقِيقِ وُقُوعِ الْجَوَابِ.

وإِنَّما كَلِمَتَانِ هُمَا (إِنَّ) الَّتِي هِيَ حَرْفُ تَأْكِيدٍ وَ (مَا) الْمَوْصُولَةُ وَلَيْسَتْ هِيَ (إِنَّمَا) الَّتِي هِيَ أَدَاةُ حَصْرٍ، وَالَّتِي (مَا) فِيهَا زَائِدَةٌ. وَقَدْ كُتِبَتْ هَذِهِ مُتَّصِلَةً (إِنَّ) بِ (مَا) لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يُفَرِّقُونَ فِي الرَّسْمِ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ، وَالرَّسْمُ اصْطِلَاحٌ، وَرَسْمُ الْمُصْحَفِ سُنَّةٌ فِي الْمَصَاحِفِ وَنَحْنُ نَكْتُبُهَا مَفْصُولَةً فِي التَّفْسِير وَغَيره.

وإِنَّما تُوعَدُونَ: هُوَ الْبَعْثُ لِلْجَزَاءِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الصِّلَةَ فَلِذَلِكَ جِيءَ فِي التَّعْبِيرِ عَنْهُ بِالْمَوْصُولِيَّةِ.

وَالْخِطَابُ لِلْمُشْرِكِينَ، أَيْ مَا تَوَعَّدَكُمُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْعِقَابِ بَعْدَ الْبَعْثِ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ وَإِنْ شَكَكْتُمْ فِيهِ أَوْ نَفَيْتُمُوهُ.

وَالْوَاقِعُ: الثَّابِتُ. وَأَصْلُ الْوَاقِعِ السَّاقِطُ عَلَى الْأَرْضِ فَاسْتُعِيرَ لِلشَّيْءِ الْمُحَقَّقِ تَشْبِيها بالمستقر.

[٨- ١٤]

[سُورَة المرسلات (٧٧) : الْآيَات ٨ إِلَى ١٤]

فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨) وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (٩) وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (١٠) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢)

لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَما أَدْراكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤)

الْفَاءُ لِلتَّفْرِيعِ عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ [المرسلات: ٧] لِأَنَّهُ لَمَّا أَفَادَ وُقُوعَ الْبَعْث وَكَانَ الخاطبون يُنْكِرُونَهُ وَيَتَعَلَّلُونَ بِعَدَمِ التَّعْجِيلِ بِوُقُوعِهِ، بُيِّنَ لَهُمْ مَا يَحْصُلُ قَبْلَهُ زِيَادَة فِي تَهْوِيلِهِ عَلَيْهِمْ. وَالْإِنْذَارُ بِأَنَّهُ مُؤَخَّرٌ إِلَى أَنْ تَحْصُلَ تِلْكَ الْأَحْدَاثُ الْعَظِيمَةُ، وَفِيهِ