للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهِيَ السُّورَةُ الْمِائَةُ وَثَلَاثٌ فِي عِدَادِ نُزُولِ سُوَرِ الْقُرْآنِ نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الْمُنَافِقِينَ وَقَبْلَ سُورَةِ التَّحْرِيمِ.

وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ سُورَةَ الْمُجَادَلَةِ نَزَلَتْ قَبْلَ سُورَةِ الْأَحْزَابِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ [٤] : وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ بَعْدَ إِبْطَالِ حُكْمِ الظِّهَارِ بِمَا فِي سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: مَا جَعَلَ يَقْتَضِي إِبْطَالَ التَّحْرِيمِ بِالْمُظَاهَرَةِ. وَإِنَّمَا أُبْطِلَ بِآيَةِ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ. وَقَالَ السَّخَاوِيُّ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ بَعْدَ سُورَةِ الْمُنَافِقِينَ وَقَبْلَ سُورَةِ الْحُجُرَاتِ.

وَآيِهَا فِي عَدِّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ مَكَّةَ إِحْدَى وَعِشْرُونَ، وَفِي عَدِّ أَهْلِ الشَّامِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ.

أغراض هَذِه السُّورَة

الْحُكْمُ فِي قَضِيَّةِ مُظَاهَرَةِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ مِنْ زَوْجِهِ خَوْلَةَ.

وَإِبْطَالُ مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ إِذَا ظَاهَرَ مِنْهَا زَوْجُهَا وَأَنَّ عَمَلَهُمْ مُخَالِفٌ لِمَا أَرَادَهُ اللَّهُ وَأَنَّهُ مِنْ أَوْهَامِهِمْ وَزُورِهِمُ الَّتِي كَبَتَهُمُ اللَّهُ بِإِبْطَالِهَا. وَتَخَلَّصَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى ضَلَالَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَمِنْهَا مُنَاجَاتُهُمْ بمرأى الْمُؤمنِينَ ليغيظوهم وَيُحْزِنُوهُمْ.

وَمِنْهَا مُوَالَاتُهُمُ الْيَهُودَ. وَحَلِفُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ. وَتَخَلَّلَ ذَلِك التَّعَرُّض لِآدَابِ مجْلِس الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَشَرَعَ التَّصَدُّقَ قَبْلَ مُنَاجَاة الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالثَّنَاءُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي مُجَافَاتِهِمُ الْيَهُودَ وَالْمُشْرِكِينَ. وَأَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَحِزْبَهُمَا هم الغالبون.

[١]

[سُورَة المجادلة (٥٨) : آيَة ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ