[سُورَة الْحَج (٢٢) : آيَة ١٤]
إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (١٤)
هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ [الْحَج: ٩] وَقَوْلِهِ: خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ [الْحَج: ١١] . فَالْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ، وَقَدِ اقْتُصَرَ عَلَى ذِكْرِ مَا لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ ثَوَابِ
الْآخِرَةِ دُونَ ذِكْرِ حَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا لِعَدَمِ أَهَمِّيَّةِ ذَلِكَ لَدَيْهِمْ وَلَا فِي نَظَرِ الدِّينِ.
وَجُمْلَةُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ تَذْيِيلٌ لِلْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ قَوْلِهِ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ [الْحَج: ٨] إِلَى هُنَا، وَهُوَ اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الْجُمَلِ الْمُلْتَئِمِ مِنْهَا الْغَرَضُ. وَفِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيلِ الْإِجْمَالِيِّ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَفِعْلُ اللَّهِ مَا يُرِيدُ هُوَ إِيجَادُ أَسْبَابِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ فِي سُنَّةِ نِظَامِ هَذَا الْعَالَمِ، وَتَبْيِينِهِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، وَتَرْتِيبِهِ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ، وَذَلِكَ لَا يُحِيطُ بِتَفَاصِيلِهِ إِلَّا الله تَعَالَى.
[١٥]
[سُورَة الْحَج (٢٢) : آيَة ١٥]
مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (١٥)
مَوْقِعُ هَذِهِ الْآيَةِ غَامِضٌ، وَمُفَادُهَا كَذَلِكَ. وَلْنَبْدَأْ بِبَيَانِ مَوْقِعِهَا ثُمَّ نُتْبِعُهُ بِبَيَانِ مَعْنَاهَا فَإِنَّ بَيْنَ مَوْقِعِهَا وَمَعْنَاهَا اتِّصَالًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute