الْجَمْعَ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الْكَلِمَاتِ أَوْ بِاعْتِبَارِ تَكَرُّرِ الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ بِالنِّسْبَةِ لِأُنَاسٍ كَثِيرِينَ.
وَالْفِسْقُ: الْخُرُوجُ مِنَ الْمَسْلَكِ الَّذِي شَأْنُ الشَّيْءِ سُلُوكُهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ فِسْقٌ عَنْ تَلَقِّي دَعْوَةِ الرُّسُلِ وَإِعْمَالِ النَّظَرِ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢٦] .
ثُمَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالَّذِينَ فَسَقُوا كُلَّ مَنِ اسْتَمَرَّ عَلَى فِسْقِهِ فَلَا يُؤْمِنُ، فَتَكُونَ الْجُمْلَةُ تَذْيِيلًا لِمَا فِيهَا مِنَ الْعُمُومِ الشَّامِلِ لِهَؤُلَاءِ الْمُتَحَدَّثِ عَنْهُمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ [الرَّعْد: ١٧] ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالَّذِينَ فَسَقُوا الْمُتَحَدَّثَ عَنْهُمْ خَاصَّةً فَيَكُونَ مِنَ الْإِظْهَارِ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُمْ مَعَ صِفَاتِهِمُ السَّابِقَةِ قَدِ اتَّصَفُوا بِالْفِسْقِ، وَلِإِفَادَةِ كَوْنِ فِسْقِهِمْ عِلَّةً فِي أَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللَّهِ، وَيَكُونُ الْمُشَبَّهُ بِهِ هُوَ الْحَقُّ الْمَأْخُوذُ مِنْ حَقَّتْ أَيْ كَذَلِكَ الْحَقُّ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ مُبَالَغَةً فِي ظُهُورِهِ حَتَّى إِنَّهُ إِذَا أُرِيدَ تَشْبِيهُهُ وَتَقْرِيبُهُ لَمْ يُشَبَّهْ إِلَّا بِنَفْسِهِ عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [١٤٣] .
وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ تَذْيِيلٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الفذلكة والتعجيب.
[٣٤]
[سُورَة يُونُس (١٠) : آيَة ٣٤]
قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣٤)
اسْتِئْنَافٌ عَلَى طَرِيقَةِ التَّكْرِيرِ لِقَوْلِهِ قَبْلَهُ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ [يُونُس:
٣١] . وَهَذَا مَقَامُ تَقْرِيرِ وَتَعْدِيدِ الِاسْتِدْلَالِ، وَهُوَ مِنْ دَوَاعِي التَّكْرِيرِ وَهُوَ احْتِجَاجٌ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ حَالَ آلِهَتِهِمْ عَلَى الضِّدِّ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى فَبَعْدَ أَنْ أَقَامَ عَلَيْهِمُ الدَّلِيلَ عَلَى انْفِرَادِ اللَّهِ تَعَالَى بِالرِّزْقِ وَخَلْقِ الْحَوَاسِّ وَخَلْقِ الْأَجْنَاسِ وَتَدْبِيرِ جَمِيعِ الْأُمُورِ وَأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْإِلَهِيَّةِ بِسَبَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute