وَالتَّسْوِيلُ: تَسْهِيلُ الْأَمْرِ الَّذِي يُسْتَشْعَرُ مِنْهُ صُعُوبَةٌ أَوْ ضُرٌّ وَتَزْيِينُ مَا لَيْسَ بِحَسَنٍ.
وَالْإِمْلَاءُ: الْمَدُّ وَالتَّمْدِيدُ فِي الزَّمَانِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْإِبْقَاءِ عَلَى الشَّيْءِ كَثِيرًا، أَيْ أَرَاهُمُ الِارْتِدَادَ حَسَنًا دَائِمًا كَمَا حَكَى عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلى [طه: ١٢٠] ، أَيْ أَنَّ ارْتِدَادَهُمْ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَأَمْلى لَهُمْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَلَى صِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ. وَقَرَأَهُ أَبُو عَمْرٍو بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ عَلَى صِيغَةِ الْمَبْنِيِّ إِلَى الْمَجْهُولِ. وَقَرَأَهُ يَعْقُوبُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ مُسْنَدٌ إِلَى الْمُتَكَلِّمِ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَيِ الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَنَا أُمْلِي لَهُمْ فَيَكُونُ الْكَلَامُ وَعِيدًا، أَيْ أَنَا أُؤَخِّرُهُمْ قَلِيلًا ثمَّ أعاقبهم.
[٢٦]
[سُورَة مُحَمَّد (٤٧) : آيَة ٢٦]
ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ (٢٦)
اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ إِذِ التَّقْدِيرُ أَنْ يَسْأَلَ سَائِلٌ عَنْ مَظْهَرِ تَسْوِيلِ الشَّيْطَانِ لَهُمُ الِارْتِدَادَ بَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى، فَأُجِيبَ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ اسْتَدْرَجَهُمْ إِلَى الضلال عِنْد مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى فَسَوَّلَ لَهُمْ أَنْ يُوَافِقُوا أَهْلَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ مُسَوِلًا أَنَّ تِلْكَ الْمُوَافَقَةَ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ لَا تَنْقُضُ اهْتِدَاءَهُمْ فَلَمَّا وَافَقُوهُمْ وَجَدُوا حَلَاوَةَ مَا أَلِفُوهُ مِنَ الْكُفْرِ فِيمَا وَافَقُوا فِيهِ أَهْلَ الْكُفْرِ فَأَخَذُوا يَعُودُونَ إِلَى الْكُفْرِ الْمَأْلُوفِ حَتَّى ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ. وَهَذَا شَأْنُ النَّفْسِ فِي مُعَاوَدَةِ مَا تُحِبُّهُ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ عَنْهُ إِنْ كَانَ الِانْقِطَاعُ قَرِيبَ الْعَهْدِ.
فَمَعْنَى قالُوا: قَالُوا قَوْلًا عَنِ اعْتِقَادٍ وَرَأْيٍ، وَإِنَّمَا قَالُوا: فِي بَعْضِ الْأَمْرِ احْتِرَازًا لِأَنْفُسِهِمْ إِذَا لَمْ يُطِيعُوا فِي بعض.
ولِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ هُمُ الَّذِينَ كَرِهُوا الْقُرْآنَ وَكَفَرُوا، وَهُمْ: إِمَّا الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ تَعَالَى فِيهِمْ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ [مُحَمَّد: ٩] وَقَدْ كَانَتْ لَهُمْ صِلَةٌ بِأَهْلِ يَثْرِبَ فَلَمَّا هَاجر النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute