[سُورَة العاديات (١٠٠) : آيَة ١١]
إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١)
جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا نَاشِئًا عَنِ الْإِنْكَارِ، أَيْ كَانَ شَأْنُهُمْ أَنْ يَعْلَمُوا اطِّلَاعَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ، وَأَنْ يَذْكُرُوهُ لِأَنَّ وَرَاءَهُمُ الْحِسَابَ الْمُدَقَّقَ، وَتُفِيدُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُفَادَ التَّذْيِيلِ.
وَقَوْلُهُ: يَوْمَئِذٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: لَخَبِيرٌ، أَيْ عَلِيمٌ.
وَالْخَبِيرُ: مُكَنًّى بِهِ عَنِ الْمُجَازِي بِالْعِقَابِ وَالثَّوَابِ، بِقَرِينَةِ تَقْيِيدِهِ بِيَوْمَئِذٍ لِأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ بِهِمْ حَاصِلٌ مِنْ وَقْتِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَأَمَّا الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ عِلْمِهِ بِهِمْ يَوْمَ بَعْثَرَةِ الْقُبُورِ، فَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ.
وَتَقْدِيمُ بِهِمْ عَلَى عَامِلِهِ وَهُوَ لَخَبِيرٌ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ لِيَعْلَمُوا أَنَّهُمُ الْمَقْصُودُ بِذَلِكَ.
وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ عَلَى الْعَامِلِ الْمُقْتَرِنِ بِلَامِ الِابْتِدَاءِ مَعَ أَنَّ لَهَا الصَّدْرَ سَائِغٌ لِتَوَسُّعِهِمْ فِي الْمَجْرُورَاتِ وَالظَّرْفِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا فِي قَوْلِهِ: لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ [العاديات: ٦] وَقَوْلِهِ: عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ [العاديات: ٧] وَقَوْلِهِ: لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ [العاديات: ٨] . وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ ابْنَ هِشَامٍ يُنَازِعُ فِي وُجُوبِ صَدَارَةِ لَامِ الِابْتِدَاءِ الَّتِي فِي خَبَرِ إِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute