للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ أَنَّ اللُّوطِيَّ يُجْلَدُ دُونَ الْحَدِّ، وَلَمْ يُصَرَّحْ، فِيمَا نَقَلُوا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ، وَلَا عَن أحد، وَلَا الشَّافِعِيِّ بِمُسَاوَاةِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ فِي الْحُكْمِ إِلَّا عِنْدَ مَالِكٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ حِكَايَةِ ابْنِ حَزْمٍ فِي «الْمُحَلَّى» : أَنَّ أَصْحَابَ الْمَذَاهِبِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي تَعْزِيرِ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ إِلَّا قَوْلًا شَاذًّا لِأَحَدِ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ رَأَى أَنَّ الْمَفْعُولَ أَغْلَظُ عُقُوبَةً مِنَ الْفَاعِلِ.

وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ فِي إِسْنَادِهِ، مَقَالٌ عَن النّبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ»

وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ (لَمْ يُرْوَ عَنْ غَيْرِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) وَقَدْ عَلِمْتَ اسْتِشَارَةَ أَبِي بَكْرٍ فِي هَذِهِ الْجَرِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ فِيهَا سَنَدٌ صَحِيحٌ لظهر يَوْمئِذٍ.

[٨٢]

[سُورَة الْأَعْرَاف (٧) : آيَة ٨٢]

وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٨٢)

عُطِفَتْ جُمْلَةُ: وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ عَلَى جُمْلَةِ: قالَ لِقَوْمِهِ [الْأَعْرَاف: ٨٠] .

وَالتَّقْدِيرُ: وَإِذْ مَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا إِلَخْ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ أُفْحِمُوا عَنْ تَرْوِيجِ شَنْعَتِهِمْ وَالْمُجَادَلَةِ فِي شَأْنِهَا، وَابْتَدَرُوا بِالتَّآمُرِ عَلَى إِخْرَاجِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَهْلِهِ مِنَ الْقَرْيَةِ، لِأَنَّ لُوطًا عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ غَرِيبًا بَيْنَهُمْ وَقَدْ أَرَادُوا الِاسْتِرَاحَةَ مِنْ إِنْكَارِهِ عَلَيْهِمْ شَأْنُ مَنْ يَشْعُرُونَ بِفَسَادِ حَالِهِمْ، الْمَمْنُوعِينَ بِشَهَوَاتِهِمْ عَنِ الْإِقْلَاعِ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ، الْمُصَمِّمِينَ عَلَى مُدَاوَمَةِ ذُنُوبِهِمْ، فَإِنَّ صُدُورَهُمْ تَضِيقُ عَنْ تَحَمُّلِ الْمَوْعِظَةِ، وَأَسْمَاعُهُمْ تَصَمُّ لِقَبُولِهَا، وَلَمْ يَزَلْ مِنْ شَأْنِ الْمُنْغَمِسِينَ فِي الْهَوَى تَجَهُّمُ حُلُولِ مَنْ لَا يُشَارِكُهُمْ بَيْنَهُمْ.