للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَضَمِيرُ يُبْعَثُونَ لِلْبَشَرِ الْمَعْلُومِينَ مِنْ تَرْكِيبِ خَلْقِ آدَمَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَأَنَّهُ يَكُونُ لَهُ نَسْلٌ وَلَا سِيَّمَا حَيْثُ خُلِقَتْ زَوْجُهُ حِينَئِذٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا نَسْلٌ.

وَعَبَّرَ عَنْ يَوْمِ الْبَعْثِ بِ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ تَفَنُّنًا تَفَادِيًا مِنْ إِعَادَةِ اللَّفْظِ قَضَاءً لِحَقِّ حُسْنِ النَّظْمِ، وَلِمَا فِيهِ مِنَ التَّعْلِيمِ بِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ذَلِكَ الْأَجَلَ. فَالْمُرَادُ: الْمَعْلُومُ لَدَيْنَا.

وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ الْمَعْلُومُ لِلنَّاسِ أَيْضًا عِلْمًا إِجْمَالِيًّا.

وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ النَّاسِ لَا يَعْبَأُ بِهِمْ فَهُمْ كَالْعَدَمِ.

وَهَذَا الْإِنْظَارُ رَمْزٌ إِلَهِيٌّ عَلَى أَنَّ نَامُوسَ الشَّرِّ لَا يَنْقَضِي مِنْ عَالَمِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَأَنَّ نِظَامَهَا قَائِمٌ عَلَى التَّصَارُعِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالْأَخْيَارِ وَالْأَشْرَارِ، قَالَ تَعَالَى:

بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ [سُورَة الْأَنْبِيَاء: ١٨] وَقَالَ: كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ [سُورَة الرَّعْد: ١٧] . فَلِذَلِكَ لَمْ يَسْتَغْنِ نِظَامُ الْعَالَمِ عَنْ إِقَامَةِ قَوَانِينِ الْعَدْلِ وَالصَّلَاحِ وَإِيدَاعِهَا إِلَى الْكَفَاةِ لِتَنْفِيذِهَا وَالذَّوْدِ عَنْهَا.

وَعُطِفَتْ مَقُولَاتُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِالْفَاءِ لِأَنَّ كُلَّ قَوْلٍ مِنْهَا أَثَارَهُ الْكَلَامُ الَّذِي قَبْلَهُ فتفرّع عَنهُ.

[٣٩، ٤٠]

[سُورَة الْحجر (١٥) : الْآيَات ٣٩ إِلَى ٤٠]

قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠)

الْبَاءُ فِي بِما أَغْوَيْتَنِي لِلسَّبَبِيَّةِ، وَ (مَا) مَوْصُولَةٌ، أَيْ بِسَبَبِ إِغْوَائِكَ إِيَّايَ، أَيْ بِسَبَبِ أَنْ خَلَقْتَنِي غَاوِيًا فَسَأُغْوِي النَّاسَ.

وَاللَّامُ فِي لَأُزَيِّنَنَّ لَامُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ مُرَادٌ بِهَا التَّأْكِيدُ، وَهُوَ الْقَسَمُ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ: قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [سُورَة ص: ٨٢] .