طُوَالَ الْقَامَاتِ، وَمُدُنُهُمْ حَصِينَةٌ. فَلَمَّا سَمِعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ ذَلِكَ وَهِلُوا وَبَكَوْا وَتَذَمَّرُوا عَلَى مُوسَى وَقَالُوا: لَوْ مُتْنَا فِي أَرْضِ مِصْرَ كَانَ خَيْرًا لَنَا مِنْ أَنْ تُغْنَمَ نِسَاؤُنَا وَأَطْفَالُنَا، فَقَالَ يُوشَعُ وَكَالِبٌ لِلشَّعْبِ: إِنْ رَضِيَ اللَّهُ عَنَّا يُدْخِلْنَا إِلَى هَذِهِ الْأَرْضِ وَلَكِنْ لَا تَعْصَوُا الرَّبَّ وَلَا تَخَافُوا مِنْ أَهْلِهَا، فَاللَّهُ مَعَنَا. فَأَبَى الْقَوْمُ مِنْ دُخُولِ الْأَرْضِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. وَقَالَ لِمُوسَى: لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مَنْ سِنُّهُ عِشْرُونَ سَنَةً فَصَاعِدًا هَذِهِ الْأَرْضَ إِلَّا يُوشَعَ وَكَالِبًا وَكُلُّكُمْ سَتُدْفَنُونَ فِي هَذَا الْقَفْرِ، وَيَكُونُ أَبْنَاؤُكُمْ رُعَاةً فِيهِ أَرْبَعِينَ سنة.
[٢٣- ٢٦]
[سُورَة الْمَائِدَة (٥) : الْآيَات ٢٣ إِلَى ٢٦]
قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٣) قالُوا يَا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً مَا دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (٢٤) قالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٥) قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (٢٦)
فُصِّلَتْ هَذِهِ الْجُمَلُ الْأَرْبَعُ جَرْيًا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُحَاوَرَةِ كَمَا بَيَّنَّاهُ سَالِفًا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ. وَالرَّجُلَانِ هُمَا يُوشَعُ وَكَالِبٌ. وَوُصِفَ الرَّجُلَانِ بِأَنَّهُمْ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْخَوْفِ فِي قَوْلِهِ: يَخافُونَ الْخَوْفَ مِنَ الْعَدُوِّ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِاسْمِ الْمَوْصُولِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. جَعَلَ تَعْرِيفَهُمْ بِالْمَوْصُولِيَّةِ لِلتَّعْرِيضِ بِهِمْ بِمَذَمَّةِ الْخَوْفِ وَعَدَمِ
الشَّجَاعَةِ، فَيَكُونُ «مِنْ» فِي قَوْلِهِ: مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ اتِّصَالِيَّةً وَهِيَ الَّتِي فِي نَحْوِ قَوْلِهِمْ:
لَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي، أَيْ يَنْتَسِبُونَ إِلَى الَّذِينَ يَخَافُونَ. وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ مُتَّصِفُونَ بِالْخَوْفِ بِقَرِينَةِ أَنَّهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute